كفره بتقدير المضاف أو نفس كفره الذي سينقلب عليه نارا يخلد فيها وهذا أحد الفريقين.
وقوله: (ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون) مهد الفراش بسطه وايطاؤه، وهؤلاء الفريق الاخر الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وقد جئ بالجزاء (فلأنفسهم يمهدون) جمعا نظرا إلى المعنى، كما أنه جئ به مفردا في الشرطية السابقة (فعليه كفره) نظرا إلى اللفظ، واكتفى في الشرط بذكر العمل الصالح ولم يذكر الايمان معه لان العمل انما يصلح بالايمان على أنه مذكور في الآية التالية.
والمعنى: والذين عملوا عملا صالحا - بعد الايمان - فلأنفسهم يوطؤن ما يعيشون به ويستقرون عليه.
قوله تعالى: (ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله انه لا يحب الكافرين) قال الراغب: الجزاء الغناء والكفاية، قال الله تعالى: (لا تجزى نفس عن نفس شيئا)، وقال: (لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا) والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر، يقال: جزيته كذا وبكذا. انتهى.
وقوله: (ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله) اللام للغاية ولا ينافي عد ما يؤتيهم جزاء - وفيه معنى المقابلة - عده من فضله وفيه معنى عدم الاستحقاق وذلك لأنهم بأعيانهم وما يصدر عنبهم من أعمالهم ملك طلق لله سبحانه فلا يملكون لأنفسهم شيئا حتى يستحقوا به أجرا، وأين العبودية من الملك والاستحقاق فما يؤتونه من الجزاء فضل من غير استحقاق.
لكنه سبحانه بفضله ورحمته اعتبر لهم ملكا لاعمالهم في عين أنه يملكهم ويملك أعمالهم فجعل لهم بذلك حقا يستحقونه، وجعل ما ينالونه من الجنة والزلفى أجرا مقابلا لاعمالهم وهذا الحق المجعول أيضا فضل آخر منه سبحانه.
ومنشأ ذلك حبه تعالى لهم لأنهم لما أحبوا ربهم أقاموا وجوههم للدين القيم واتبعوا الرسول فيما دعا إليه فأحبهم الله كما قال: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) آل عمران: 31.
ولذا كانت الآية تعد ما يؤتيهم الله من الثواب جزاء وفيه معنى المقابلة والمبادلة