ضعف للابتداء أي ابتداء خلقكم من ضعف أي ابتدأكم ضعفاء، ومصداقة على ما تفيده المقابلة أول الطفولية وان أمكن صدقه على النطفة.
والمراد بالقوة بعد الضعف بلوغ الأشد وبالضعف بعد القوة الشيخوخة ولذا عطف عليه (شيبة) عطف تفسير، وتنكير (ضعف) و (قوة) للدلالة على الابهام وعدم تعين المقدار لاختلاف الافراد في ذلك.
وقوله: (يخلق ما يشاء) أي كما شاء الضعف فخلقه ثم القوة بعده فخلقها ثم الضعف بعدها فخلقه وفى ذلك أتم الإشارة إلى أن تتالي هذه الأحوال من الخلق وإذ كان هذا النقل من حال إلى حال في عين أنه تدبير خلقا فهو لله الخالق للأشياء فليس لقائل منهم أن يقول: ان ذلك من التدبير الراجع إلى اله الانسان، مثلا كما يقوله الوثنية.
ثم تمم الكلام بالعلم والقدرة فقال: (وهو العليم القدير).
قوله تعالى: (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون)، هذه الآيات كالذنابة للآيات السابقة العادة للآيات والحجج على وحدانيته تعالى والبعث، وكالتمهيد والتوطئة للآية التي تختتم بها السورة فإنه لما عد شيئا من الآيات والحجج وأشار إلى أنهم ليسوا ممن يترقب منهم الايمان أو يطمع في ايمانهم أراد أن يبين أنهم في جهل من الحق يتلقون الحديث الحق باطلا والآيات الصريحة الدلالة منعزلة عن دلالتها وكذلك يؤفكون ولا عذر لهم يعتذرون به.
وهذا الإفك والتقلب من الحق إلى الباطل يدوم عليهم ويلازمهم حتى قيام الساعة فيظنون أنهم لم يلبثوا في قبورهم فيما بين الموت والبعث غير ساعة من نهار فاشتبه عليهم أمر البعث كما اشتبه عليهم كل حق فظنوه باطلا.
فقوله: (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة)، يحكى عنهم اشتباه الامر عليهم في أمر الفصل بين الدنيا ويوم البعث حتى ظنوه ساعة من ساعات الدنيا.
وقوله: (كذلك كانوا يؤفكون) أي يصرفون من الحق إلى الباطل فيدعون إلى الحق ويقام عليه الحجج والآيات فيظنونه باطلا من القول وخرافة من الرأي.