تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٢
وقوله: (عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا) قالته لما رأت في وجهه من آثار الجلال وسيماء الجذبة الإلهية، وفى قولها: (أو نتخذه ولدا) دلالة على أنهما كانا فاقدين للابن.
وقوله: (وهم لا يشعرون) جملة حالية أي قالت ما قالت وشفعت له وصرفت عنه القتل والقوم لا يشعرون ماذا يفعلون وما هي حقيقة الحال وما عاقبته؟
قوله تعالى: (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ان كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين) الابداء بالشئ اظهاره، والربط على الشئ شده وهو كناية عن التثبيت.
والمراد بفراغ فؤاد أم موسى فراغه وخلوه من الخوف والحزن وكان لازم ذلك أن لا يتوارد عليه خواطر مشوشة وأوهام متضاربة يضطرب بها القلب فيأخذها الجزع فتبدى ما كان عليها أن تخفيه من أمر ولدها.
وذلك أن ظاهر السياق أن سبب عدم ابدائها له فراغ قلبها وسبب فراغ قلبها الربط على قلبها وسبب الربط هو قوله تعالى لها فيما أوحى إليها: (لا تخافي ولا تحزني انا رادوه إليك) الخ.
وقوله: (ان كادت لتبدي به لولا) الخ، (ان) مخففة من الثقيلة أي انها قربت من أن تظهر الامر وتفشى السر لولا أن ثبتنا قلبها بالربط عليه، وقوله:
(لتكون من المؤمنين) أي الواثقين بالله في حفظه فتصبر ولا تجزع عليه فلا يبدو أمره.
والمجموع أعني قوله: (ان كادت لتبدي به) إلى آخر الآية في مقام البيان لقوله:
(وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) ومحصل معنى الآية وصار قلب أم موسى بسبب وحينا خاليا من الخوف والحزن المؤديين إلى اظهار الامر، لولا أن ثبتنا قلبها بسبب الوحي لتكون واثقة بحفظ الله له لقربت من أن تظهر أمره لهم بالجزع عليه.
وبما تقدم يظهر ضعف بعض ما قيل في تفسير جمل الآية كقول بعضهم في (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) أي صفرا من العقل لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوع الطفل في يد فرعون، وقول آخرين: أي فارغا من الوحي الذي أوحى إليها
(١٢)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الخوف (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست