وقوله: (كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم) الخ، تعليل للرد والمراد بالعلم هو اليقين بالمشاهدة فإنها كانت تعلم من قبل أن وعد الله حق وكانت مؤمنة وإنما أريد بالرد أن توقن بالمشاهدة أن وعد الله حق.
والمراد بوعد الله مطلق الوعد الإلهي بدليل قوله: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) أي لا يوقنون بذلك ويرتابون في مواعده تعالى ولا تطمئن إليها نفوسهم، ومحصله أن توقع بمشاهدة حقية هذا الذي وعدها الله به أن مطلق وعده تعالى حق.
وربما يقال: ان المراد بوعد الله خصوص الوعد المذكور في الآية السابقة: (انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) ولا يلائمه قوله بعد: (ولكن) الخ على ما تقدم.
قوله تعالى: (ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين) بلوغ الأشد أن يعمر الانسان ما تشتد عند ذلك قواه ويكون في الغالب في الثمان عشرة، والاستواء الاعتدال والاستقرار فالاستواء في الحياة استقرار الانسان في أمر حياته ويختلف في الافراد وهو على الأغلب بعد بلوغ الأشد، وقد تقدم الكلام في معنى الحكم والعلم وايتائهما ومعنى الاحسان في مواضع من الكتاب.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) قال: يوسف وولده.
أقول: لعل المراد بنو إسرائيل، والا فظهور الآية في خلافه غير خفى.
وفى معاني الأخبار باسناده عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظر إلى على والحسن والحسين عليهم السلام فبكى وقال: أنتم المستضعفون بعدي. قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك؟ قال:
معناه أنكم الأئمة بعدي ان الله عز وجل يقول: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة.