تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١١
والخاطئين اسم فاعل من خطئ يخطأ خطأ كعلم يعلم علما كما أن المخطئ اسم فاعل من أخطأ يخطئ أخطاء، والفرق بين الخاطئ والمخطئ على ما ذكره الراغب أن الخاطئ يطلق على من أراد فعلا لا يحسنه ففعله قال تعالى: (ان قتلهم كان خطأ كبيرا)، وقال: (وان كنا لخاطئين)، والمخطئ يستعمل فيمن أراد فعلا يحسنه فوقع منه غيره واسم مصدره الخطأ بفتحتين، قال تعالى: (ومن قتل مؤمنا خطأ) النساء: 92، والمعنى الجامع هو العدول عن الجهة. انتهى ملخصا.
فقوله: (ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) أي فيما كانوا يفعلونه في أبناء بني إسرائيل وموسى تحذرا من انهدام ملكهم وذهاب سلطانهم بيدهم إرادة لتغيير المقادير عن مجاريها فقتلوا الجم الغفير من الأبناء ولا شأن لهم في ذلك وتركوا موسى حيث التقطوه وربورهم في حجورهم وكان هو الذي بيده انقراض دولتهم وزوال ملكهم.
والمعنى: فأصابه آل فرعون وأخذوه من اليم وكان غاية ذلك أن يكون لهم عدوا وسبب حزن ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين في قتل الأبناء وترك موسى: أرادوا أن يقضوا على من سيقضى عليهم فعادوا يجتهدون في حفظه ويجدون في تربيته.
وبذلك يظهر أن تفسير بعضهم كونهم خاطئين بأنهم كانوا مذنبين فعاقبهم الله ان ربى عدوهم على أيديهم ليس بسديد.
قوله تعالى: (وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون (شفاعة من امرأة فرعون وقد كانت عنده حينما جاؤوا إليه بموسى - وهو طفل ملتقط من اليم - تخاطب فرعون بقوله: (قرة عين لي ولك) أي هو قرة عين لنا (لا تقتلوه) وإنما خاطب بالجمع لان شركاء القتل كانوا كثيرين من سبب ومباشر وآمر ومأمور.
وأنما قالت ما قالت لان الله سبحانه ألقى محبة منه في قلبها فعادت لا تملك نفسها دون أن تدفع عنه القتل وتضمه إليها، قال تعالى فيما يمن به على موسى ع:
(وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عيني) طه. 39.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست