تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٧
فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين - 21.
(بيان) فصل ثان من قصة موسى ع فيه ذكر بعض ما وقع بعد بلوغه أشده فادى إلى خروجه من مصر وقصده مدين.
قوله تعالى: (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها) الخ، لا ريب أن المدينة التي دخلها على حين غفلة من أهلها هي مصر، وأنه كان يعيش عند فرعون، ويستفاد من ذلك أن القصر الملكي الذي كان يسكنه فرعون كان خارج المدينة وأنه خرج منه ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها، ويؤيد ما ذكرنا ما سيأتي من قوله: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) على ما سيجئ من الاستظهار.
وحين الغفلة من أهل المدينة هو حين يدخل الناس بيوتهم فتتعطل الأسواق وتخلو الشوارع والأزقة من المارة كالظهيرة وأواسط الليل.
وقوله: (فوجد فيها رجلين يقتتلان) أي يتنازعان ويتضاربان، وقوله: (هذا من شيعته وهذا من عدوه) حكاية حال تمثل به الواقعة، ومعناه: أن أحدهما كان إسرائيليا من متبعيه في دينه - فان بني إسرائيل كانوا ينتسبون يومئذ إلى آبائهم إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام في دينهم وان كان لم يبق لهم منه الا الاسم وكانوا يتظاهرون بعبادة فرعون - والاخر قبطيا عدوا له لان القبط كانوا أعداء بني إسرائيل ، ومن الشاهد أيضا على كون هذا الرجل قبطيا قوله في موضع آخر يخاطب ربه: (ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون) الشعراء: 14.
وقوله: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) الاستغاثة: الاستنصار من الغوث بمعنى النصرة أي طلب الإسرائيلي من موسى أن ينصره على عدوه القبطي.
وقوله: (فوكزه موسى فقضى عليه) ضميرا (وكزه) و (عليه) للذي من عدوه والوكز - على ما ذكره الراغب وغيره - الطعن والدفع والضرب بجمع الكف،
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست