تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٠٣
السبب موضع المسبب كما كان صدرها: (من كان يرجو لقاء الله) أيضا كذلك، والأصل من قال: آمنت بالله. فليقله مستقيما صابرا عليه مجاهدا في ربه.
وقوله: (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ان الله لغنى عن العالمين) المجاهدة والجهاد مبالغة من الجهد بمعنى بذل الطاقة، وفيه تنبيه لهم أن مجاهدتهم في الله بلزوم الايمان والصبر على المكاره دونه ليست مما يعود نفعه إلى الله سبحانه حتى لا يهمهم ويلغو بالنسبة إليهم أنفسهم بل انما يعود نفعه إليهم أنفسهم لغناه تعالى عن العالمين فعليهم أن يلزموا الايمان ويصبروا على المكاره دونه.
فقوله: (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه) تأكيد لحجة الآية السابقة، وقوله:
(ان الله لغنى عن العالمين) تعليل لما قبله.
والالتفات من سياق التكلم بالغير إلى اسم الجلالة في الآيتين نظير ما مر من الالتفات في قوله: (فليعلمن الله الذين صدقوا) الآية.
وقوله: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون) بيان لعاقبة ايمانهم حق الايمان المقارن للجهاد ويتبين به أن نفع ايمانهم يعود إليهم لا إلى الله سبحانه وأنه عطية من الله وفضل.
وعلى هذا فالآية لا تخلو من دلالة ما على أن الجهاد في الله هو الايمان والعمل الصالح فإنها في معنى تبديل قوله في الآية السابقة: (ومن جاهد) من قوله في هذه الآية: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات).
وتكفير السيئات هو العفو عنها والأصل في معنى الكفر هو الستر، وقيل:
تكفير السيئات هو تبديل كفرهم السابق ايمانا ومعاصيهم السابقة طاعات، وليس بذاك.
وجزاؤهم بأحسن الذي كانوا يعملون هو رفع درجتهم إلى ما يناسب أحسن أعمالهم أو عدم المناقشة في أعمالهم عند الحساب إذا كانت فيها جهات رداءة وخسة فيعاملون في كل واحد من أعمالهم معاملة من أتى بأحسن عمل من نوعه فتحتسب صلاتهم أحسن الصلاة وان اشتملت على بعض جهات الرداءة وهكذا.
قوله تعالى: (ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك على أن لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) الخ، التوصية العهد وهو ههنا الامر، وقوله: (حسنا)
(١٠٣)
مفاتيح البحث: الصبر (1)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست