وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين - 11. وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ انهم لكاذبون - 12. وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون - 13.
(بيان) يلوح من سياق آيات السورة وخاصة ما في صدرها من الآيات أن بعضا ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قبل الهجرة رجع عنه خوفا من فتنة كانت تهدده من قبل المشركين فان المشركين كانوا يدعونهم إلى العود إلى ملتهم ويضمنون لهم أن يحملوا خطاياهم ان اتبعوا سبيلهم فان أبوا فتنوهم وعذبوهم ليعيدوهم إلى ملتهم.
يشير إلى ذلك قوله تعالى: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم) الآية، وقوله: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله) الآية.
وكأن في هؤلاء الراجعين عن ايمانهم من كان رجوعه بمجاهدة من والديه على أن يرجع والحاح منهما عليه في الارتداد كبعض أبناء المشركين على ما يستشم من قوله تعالى:
(ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) الآية، وقد نزلت السورة في شأن هؤلاء.
فغرض السورة على ما يستفاد من بدئها وختامها والسياق الجاري فيها أن الذي يريده الله سبحانه من الايمان ليس هو مجرد قولهم: آمنا بالله بل هو حقيقة الايمان التي لا تحركها عواصف الفتن ولا تغيرها غير الزمن وهي انما تتثبت وتستقر بتوارد الفتن وتراكم المحن، فالناس غير متروكين بمجرد أن يقولوا: آمنا بالله دون أن يفتنوا ويمتحنوا فيظهر ما في نفوسهم من حقيقة الايمان أو وصمة الكفر فليعلمن الله الذين صدقوا ويعلم الكاذبين.