دعواه الخالية ويخرج عن حال الابهام إلى حال الصراحة ولذلك عدل عن مثل قولنا:
فلنعلمن إلى قوله: (فليعلمن الله).
قوله تعالى: (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون) أم منقطعة، والمراد بقوله: (الذين يعملون السيئات) المشركون الذين كانوا يفتنون المؤمنين ويصدونهم عن سبيل الله كما أن المراد بالناس في قوله: (أحسب الناس) هم الذين قالوا: آمنا وهم في معرض الرجوع عن الايمان خوفا من الفتنة والتعذيب.
والمراد بقوله: (أن يسبقونا) الغلبة والتعجيز بسبب فتنة المؤمنين وصدهم عن سبيل الله - على ما يعطيه السياق.
وقوله: (ساء ما يحكمون) تخطئة لظنهم أنهم يسبقون الله بما يمكرون من فتنة وصد فان ذلك بعينه فتنة من الله لهم أنفسهم وصد لهم عن سبيل السعادة ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله.
وقيل: مفاد الآية توبيخ العصاة من المؤمنين وهم المراد بقوله: (الذين يعملون السيئات) والمراد بالسيئات المعاصي التي يقترفونها غير الشرك، وأنت خبير بأن السياق لا يساعد عليه.
وقيل: المراد بعمل السيئات أعم من الشرك واقتراف سائر المعاصي فالآية عامة لا موجب لتخصيصها بخصوص الشرك أو بخصوص سائر المعاصي دون الشرك.
وفيه أن اعتبار الآية من حيث وقوعها في سياق خاص من السياقات أمر واعتبارها مستقلة في نفسها أمر آخر والذي يقتضيه الاعتبار الأول وهو العمدة بالنظر إلى غرض السورة هو ما قدمناه من المعنى، وأما الاعتبار الثاني: فمقتضاه العموم ولا ضير فيه على ذلك التقدير.
قوله تعالى: (من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لات وهو السميع العليم) إلى تمام ثلاث آيات. لما وبخ سبحانه الناس على استهانتهم بأمر الايمان ورجوعهم عنه بأي فتنة وايذاء من المشركين ووبخ المشركين على فتنتهم وايذائهم المؤمنين وصدهم عن سبيل الله إرادة لاطفاء نور الله وتعجيزا له فيما شاء وخطا الفريقين فيما ظنوا.
رجع إلى بيان الحق الذي لا معدل عنه والواجب الذي لا مخلص منه، فبين في