تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٩
وقوله: " وكانت امرأتي عاقرا " العاقر المرأة التي لا تلد يقال: امرأة عاقر لا تلد ورجل عاقر لا يولد له ولد. وفي التعبير بقوله: " وكانت امرأتي " دلالة على أن امرأته على كونها عاقرا جازت حين الدعاء سن الولادة.
وظاهر عدم تكرار إن في قوله: " وكانت امرأتي الخ أن الجملة حالية ومجموع الكلام أعني قوله: وإني خفت إلى قوله: " عاقرا " فصل واحد أريد به أن كون امرأتي عاقرا اقتضى أن أخاف الموالي من ورائي وبعد وفاتي، فمجموع ما مهده للدعاء يؤل إلى فصلين أحدهما أن الله سبحانه عوده الاستجابة مدى عمره حتى شاخ وهرم والاخر أنه خاف الموالي بعد موته من جهة عقر امرأته، ويمكن تصوير الكلام فصولا ثلاثة بأخذ كل من شيخوخته وعقر امرأته فصلا مستقلا.
قوله تعالى: " فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا " هذا هو الدعاء، وقد قيد الموهبة الإلهية التي سألها بقوله: " من لدنك " لكونه آيسا من الأسباب العادية التي كانت عنده وهي نفسه وقد صار شيخا هرما ساقط القوى. وامرأته وقد شاخت وكانت قبل ذلك عاقرا.
وولي الانسان من يلي أمره، وولي الميت هو الذي يقوم بأمره ويخلفه فيما ترك، وآل الرجل خاصته الذين يؤل إليه أمرهم كولده وأقاربه وأصحابه وقيل: أصله أهل، والمراد بيعقوب على ما قيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وقيل هو يعقوب بن ما ثان أخو عمران بن ما ثان أبي مريم وكانت امرأة زكريا أخت مريم وعلى هذا يكون معنى قوله: " يرثني ويرث من آل يعقوب " يرثني ويرث امرأتي وهي بعض آل يعقوب، والأشبه حينئذ أن تكون " من " في قوله: " من آل يعقوب " للتبعيض وإن صح كونها ابتدائية أيضا.
وقوله: " واجعله رب رضيا " الرضي بمعنى المرضي واطلاق الرضا يقتضي شموله للعلم والعمل جميعا فالمراد به المرضي في اعتقاده وعمله أي أجعله رب محلى بالعلم النافع والعمل الصالح.
وقد قص الله سبحانه هذه القصة في سورة آل عمران وهي مدنية متأخره نزولا عن سورة مريم المكية بقوله في ذيل قصة مريم " فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست