تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٧٤
ويمكن أن يكون المراد به الوحي النازل عليه في القرآن وهو ذكر من معه صلى الله عليه وآله وسلم والوحي النازل على من قبله في أمر توحيد العبادة المنقول في القرآن فالمشار إليه بهذا هو ما في القرآن من الامر بتوحيد العبادة النازل عليه والنازل على من تقدمه من الأنبياء عليهم السلام، وربما فسر الذكر بالخبر وغيره ولا يعبؤ به.
وفي الآية دفع احتمال آخر من الاحتمالات المنافية لاثبات المعاد والحساب المذكور سابقا وهو أن يتخذوا آلهة من دون الله سبحانه فيعبدوهم ويستغنوا بذلك عن عبادة الله وولايته المستلزمة للمعاد إليه وحسابه ووجوب إجابة دعوة أنبيائه، ودفع هذا الاحتمال بعدم الدليل عليه وقد خاصمهم بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يطالبهم بالدليل بقوله: " " قل هاتوا برهانكم "... الخ.
وقوله: " قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي " من قبيل المنع مع السند - باصطلاح فن المناظرة ومحصل معناه طلب الخصم من المدعي الدليل على مدعاه غير المدلل مستندا في طلبه ذلك إلى أن عنده دليلا يدل على خلافه.
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: " قل لهؤلاء المتخذين الالهة من دون الله هاتوا برهانكم على دعواكم فإن الدعوى التي لا دليل عليها لا تسمع ولا يجوز عقلا أن يركن إليها، والذي أستند إليه في طلب الدليل أن الكتب السماوية النازلة من عند الله سبحانه لا يوافقكم على ما ادعيتم بل يخالفكم فيه فهذا القرآن وهو ذكر من معي وهذه سائر الكتب كالتوراة والإنجيل وغيرهما وهي ذكر من قبلي تذكر انحصار الألوهية فيه تعالى وحده ووجوب عبادته.
أو أن ما في القرآن من الوحي النازل علي وهو ذكر من معي والوحي النازل على من سبقني من الأنبياء وهو ذكر من قبلي في أمر عبادة الاله يحصر الألوهية والعبادة فيه تعالى.
وقوله: " بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون " رجوع إلى خطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإشارة إلى أن أكثرهم لا يميزون الحق من الباطل فليسوا من أهل التمييز الذين لا يتبعون إلا الدليل فهم معرضون عن الحق واتباعه.
قوله تعالى: " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " تثبيت لما قيل في الآية السابقة إن الذكر يذكر توحيده ووجوب عبادته
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست