تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٧٣
فغير سديد أما أولا: فلابتنائه على كون علمه تعالى التفصيلي بالأشياء قبل الايجاد حصوليا وقد بين بطلانه في محله، بل هو علم حضوري وليس هو بتابع للمعلوم بل الامر بالعكس.
وأما ثانيا: فلعدم تعقل الثبوت قبل الوجود إذ الوجود مساوق للشيئية فما لا وجود له لا شيئية له وما لا شيئية له لا ثبوت له.
وأما ثالثا: فلان إثبات الاستعداد هناك لا يتم إلا مع فرض فعلية بإزائه وكذا فرض المصلحة لا يتم إلا مع فرض كمال ونقص. وهذه آثار خارجيه تختص بالوجودات الخارجية فيعود ما فرض ثبوتا قبل الايجاد وجودا عينيا بعده وهذا خلف. هذا ما يعطيه البحث العقلي ويؤيده البحث القرآني وكفى في ذلك قوله تعالى: " ويوم يقول كن فيكون قوله الحق " الانعام - 73، فقد عد كلمة " كن " التي هي ما به يوجد الأشياء أي وجودها المنسوب إليه قولا لنفسه وذكر أنه الحق أي العين الثابت الخارجي فقوله هو وجود الأشياء الخارجي وهو فعله أيضا فقوله فعله وقوله وفعله وجود الأشياء خارجا وقال: " الحق من ربك فلا تكن من الممترين " آل عمران: 60، والحق هو القول أو الاعتقاد من جهة أن الخارج يطابقه فالخارج حق بالأصالة والقول أو الاعتقاد حق يتبع مطابقته، وإذا كان الخارج هو فعله تعالى والخارج هو مبدأ القول والاعتقاد فالحق منه تعالى يبتدئ وإليه يعود، ولذا قال: " الحق من ربك " ولم يقل الحق مع ربك كما نقول في المخاصمات التي فيها بيننا: الحق مع فلان.
ومن هنا يظهر أن كل فعل ففيه سؤال إلا فعله سبحانه لان المطلوب بالسؤال بيان كون الفعل مطابقا - بصيغة اسم المفعول - للحق وهذا إنما يجري في غير نفس الحق وأما الحق نفسه فهو حق بذاته من غير حاجة إلى مطابقة.
قوله تعالى: " أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم " إلى آخر الآية.
" هاتوا " اسم فعل بمعنى ائتوا به، والبرهان الدليل المفيد للعلم، والمراد بالذكر - على ما يستفاد من السياق - الكتاب المنزل من عند الله فالمراد بذكر من معي القرآن المنزل عليه الذي هو ذكر أمته إلى يوم القيامة وبذكر من قبلي كتب الأنبياء السابقين كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست