تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٥٥
المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون " الصافات " 173، إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: فأنجيناهم ومن نشاء " أي الرسل والمؤمنين وقد وعدهم النجاة كما يدل عليه قوله: " حقا علينا ننج المؤمنين " يونس: 103، والمسرفون هم المشركون المتعدون طور العبودية، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون امتنان منه تعالى بإنزال القرآن على هذه الأمة فالمراد بذكرهم الذكر المختص بهم اللائق بحالهم وهو آخر ما تسعه حوصلة الانسان من المعارف الحقيقية العالية وأقوم ما يمكن أن يجري في المجتمع البشري من الشريعة الحنيفية والخطاب لجميع الامه.
وقيل: المراد بالذكر الشرف، والمعنى: فيه شرفكم إن تمسكتم به تذكرون به كما فسر به قوله تعالى: " وإنه لذكر لك ولقومك: الزخرف: 44، والخطاب لجميع المؤمنين أو للعرب خاصة لان القرآن إنما نزل بلغتهم وفيه بعد.
قوله تعالى: " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمه " إلى آخر الآيات الخمس، القصم في الأصل الكسر، يقال: قصم ظهره أي كسره، ويكنى به عن الهلاك، والانشاء الايجاد، والاحساس الادراك من طريق الحس، والبأس العذاب، والركض العدو بشدة الوطئ، والاتراف التوسعة في النعمة، والحصيد المقطوع ومنه حصاد الزرع، والخمود السكون والسكوت.
والمعنى " وكم قصمنا وأهلكنا " من قرى " أي أهلها " كانت ظالمة " لنفسها بالاسراف والكفر " وأنشأنا " وأوجدنا قوما آخرين فلما أحسوا " ووجدوا بالحس أي أهل القرية الظالمة " بأسنا " وعذابنا " إذا هم منها يركضون " ويعدون هاربين كالمنهزمين فيقال لهم توبيخا وتقريعا " لا تركضوا منها وارجعوا إلى ما أترفتم فيه " من النعم " ومساكنكم " وإلى مساكنكم " لعلكم تسألون أي لعل المساكين وأرباب الحوائج يهجمون عليكم بالسؤال فتستكبروا عليهم وتختالوا أو تحتجبوا عنهم وهذا كناية عن اعتزازهم واستعلائهم وعد المتبوعين أنفسهم أربابا للتابعين من دون الله.
" قالوا " تندما يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك وهي كلمتهم يا ويلنا المشتملة علي الاعتراف بربوبيته تعالى وظلم أنفسهم " دعواهم حتى جعلناهم حصيدا "
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست