بخلاف تعميم الاحسان لقوم فيهم الصالح والطالح.
قوله تعالى: " أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا " النكر والمنكر غير المعهود أي يعذبه عذابا لا عهد له به، ولا يحتسبه ويترقبه.
وقد فسر الظلم بالاشراك. والتعذيب بالقتل فمعنى " أما من ظلم فسوف نعذبه " أما من أشرك ولم يرجع عن شركه فسوف نقتله، وكأنه مأخوذ من مقابلة " من ظلم " بقوله: من آمن وعمل صالحا " لكن الظاهر من المقابلة أن يكون المراد بالظالم أعم ممن أشرك ولم يؤمن بالله أو آمن ولم يشرك لكنه لم يعمل صالحا بل أفسد في الأرض، ولولا تقييد مقابله بالايمان لكان ظاهر الظلم هو الافساد من غير نظر إلى الشرك لان المعهود من سيرة الملوك إذا عدلوا أن يطهروا أرضهم من فساد المفسدين، وكذا لا دليل على تخصيص التعذيب بالقتل.
قوله تعالى: " وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى " الخ " صالحا " وصف أقيم مقام موصوفه وكذا الحسنى، " وجزاء " حال أو تمييز أو مفعول مطلق والتقدير:
وأما من آمن وعمل عملا صالحا فله المثوبة الحسنى حال لكونه مجزيا أو من حيث الجزاء أو نجزيه جزاء.
وقوله: " وسنقول له من أمرنا يسرا " اليسر بمعني الميسور وصف أقيم مقام موصوفه والظاهر أن المراد بالامر الامر التكليفي وتقدير الكلام: وسنقول له قولا ميسورا من أمرنا أي نكلفه بما يتيسر له ولا يشق عليه.
قوله تعالى: " ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس " الخ أي ثم هيأ سببا للسير فسار نحو المشرق حتى إذا بلغ الصحراء من الجانب الشرقي فوجد الشمس تطلع على قوم بدويين لم نجعل لهم من دونها سترا.
والمراد بالستر ما يستتر به من الشمس وهو البناء واللباس أو خصوص البناء أي كانوا يعيشون على الصعيد من غير أن يكون لهم بيوت يأوون إليها ويستترون بها من الشمس وعراة لا لباس عليهم، وإسناد ذلك إلى الله سبحانه في قوله: " لم نجعل لهم " الخ إشارة إلى أنهم لم يتنبهوا بعد لذلك ولم يتعلموا بناء البيوت واتخاذ الخيام ونسج الأثواب وخياطتها.