ضربنا عليها حجابا من أن تسمع يعني أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات كما ترى المستثقل في نومه يصاح به فلا يسمع ولا يستنبه فحذف المفعول الذي هو الحجاب كما يقال: بنى على امرأته يريدون بنى عليها القبة. انتهى.
وقال في المجمع: ومعنى ضربنا على آذانهم سلطنا عليهم النوم، وهو من الكلام البالغ في الفصاحة يقال: ضربه الله بالفالج إذا ابتلاه الله به، قال قطرب: هو كقول العرب: ضرب الأمير على يد فلان إذا منعه من التصرف، قال الأسود بن يعفر وقد كان ضريرا: ومن الحوادث لا أبالك أنني * ضربت على الأرض بالاسداد وقال: هذا من فصيح لغات القرآن التي لا يمكن أن يترجم بمعنى يوافق اللفظ انتهى، وما ذكره من المعنى أبلغ مما ذكره الزمخشري.
وهنا معنى ثالث وإن لم يذكروه: وهو أن يكون إشارة إلى ما تصنعه النساء عند إنامة الصبي غالبا من الضرب على اذنه بدق الأكف أو الأنامل عليها دقا نعيما لتتجمع حاسته عليه فيأخذه النوم بذلك فالجملة كناية عن إنامتهم سنين معدودة بشفقة وحنان كما تفعل الام المرضع بطفلها الرضيع.
وقوله: " سنين عددا ظرف للضرب والعدد مصدر كالعد بمعنى المعدود فالمعنى سنين معدودة وقيل بحذف المضاف والتقدير ذوات عدد.
وقد قال في الكشاف إن توصيف السنين بالعدد يحتمل أن يراد به التكثير أو التقليل لان الكثير قليل عنده كقوله لم: يلبثوا إلا ساعة من نهار، وقال الزجاج إن الشئ إذا قل فهم مقدار عدده فلم يحتج أن يعد وإذا كثر احتاج إلى أن يعد. انتهى ملخصا.
وربما كانت العناية في التوصيف بالعدد هي أن الشئ إذا بلغ في الكثرة عسر عده فلم يعد عادة وكان التوصيف بالعدد أمارة كونه قليلا يقبل العد بسهولة، قال تعالى:
" وشروه بثمن بخس دراهم معدودة: يوسف -: 20 اي قليلة.
وكون الغرض من التوصيف بالعدد هو التقليل هو الملائم للسياق على ما مر فإن الكلام مسرود لنفى كون قصتهم عجبا وإنما يناسبه تقليل سنى لبثهم لا تكثيرها -