قوله تعالى: " إذ أوى الفتية إلى الكهف " إلى آخر الآية الاوي الرجوع ولا كل رجوع بل رجوع الانسان أو الحيوان إلى محل يستقر فيه أو ليستقر فيه والفتية جمع سماعي لفتي والفتى الشاب ولا تخلو الكلمة من شائبة مدح.
والتهيئة الاعداد قال البيضاوي وأصل التهيئة إحداث هيأة الشئ، انتهى والرشد بفتحتين أو الضم فالسكون الاهتداء إلى المطلوب، قال الراغب: الرشد والرشد خلاف الغى يستعمل استعمال الهداية. انتهى.
وقوله: " فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة " تفريع لدعائهم على أويهم كأنهم اضطروا لفقد القوة وانقطاع الحيلة إلى المبادرة إلى المسألة ويؤيده قولهم: " من لدنك " فلو لا أن المذاهب أعيتهم والأسباب تقطعت بهم واليأس أحاط بهم ما قيدوا الرحمة المسؤولة أن تكون من لدنه تعالى بل قالوا: آتنا رحمة كقول غيرهم " ربنا آتنا في الدنيا حسنة: البقرة: 201 " ربنا آتنا ما وعدتنا على رسلك " آل عمران: 194 فالمراد بالرحمة المسؤولة التأييد الإلهي إذ لا مؤيد غيره.
ويمكن أن يكون المراد بالرحمة المسؤولة من لدنه بعض المواهب والنعم المختصة به تعالى كالهداية التي يصرح في مواضع من كلامه بأنها منه خاصة، ويشعر به التقييد بقوله " من لدنك "، ويؤيده ورود نظيره في دعاء الراسخين في العلم المنقول في قوله " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة " آل عمران: 8 فما سألوا إلا الهداية.
وقوله: " وهيئ لنا من أمرنا رشدا " المراد من أمرهم الشأن الذي يخصهم وهم عليه وقد هربوا من قوم يتتبعون المؤمنين ويسفكون دماءهم ويكرهونهم على عبادة غير الله، والتجأوا إلى كهف وهم لا يدرون ماذا سيجري عليهم؟ ولا يهتدون أي سبيل للنجاة يسلكون؟ ومن هنا يظهر أن المراد بالرشد الاهتداء إلى ما فيه نجاتهم.
فالجملة أعني قوله: " وهيئ لنا من أمرنا رشدا على أول الاحتمالين السابقين في معنى الرحمة عطف تفسير على قوله: " آتنا من لدنك رحمة وعلى ثانيهما مسألة بعد مسألة.
قوله تعالى: " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا " قال في الكشاف أي