الآية تعليل للحكم بالرحمة والمعنى ظاهر. والآية تمهيد لتاليها.
قوله تعالى: " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " إلى آخر الآية الضر الشدة، ومس الضر في البحر هو خوف الغرق بالاشراف عليه بعصف الرياح وتقاذف الأمواج ونحو ذلك.
وقوله: " ضل من تدعون إلا إياه " المراد بالضلال - على ما ذكروا - الذهاب عن الخواطر دون الخروج عن الطريق وقيل: هو بمعنى الضياع من قولهم ضل عن فلان كذا أي ضاع عنه ويعود على أي حال إلي معنى النسيان.
والمراد بالدعاء دعاء المسألة دون دعاء العبادة فيعم قوله: " من تدعون الاله الحق والالهة الباطلة التي يدعوها المشركون، والاستثناء متصل، والمعنى وإذا اشتد عليكم الامر في البحر بالاشراف على الغرق نسيتم كل إله تدعونه وتسألونه حوائجكم إلا الله.
وقيل: المراد دعاء العبادة دون المسألة فيختص بمن يعبدونه من دون الله والاستثناء منقطع، والمعنى إذا مسكم الضر في البحر ذهب عن خواطركم الالهة الذين تعبدونهم لكن الله سبحانه لا يغيب عنكم ولا ينسى. والظاهر أن المراد بالضلال معناه المعروف وهو خلاف الهدى والكلام مبني على تمثيل لطيف كأن الانسان إذا مسه الضر في البحر ووقع في قلبه أن يدعو لكشف ضره قصده آلهته الذين كان يدعوهم ويستمر في دعائهم قبل ذلك وأخذوا يسعون نحوه ويتسابقون في قطع الطريق إلى ذكره ليذكرهم ويدعوهم ويستغيث بهم لكنهم جميعا يضلون الطريق ولا ينتهون إلى ذكره فينساهم والله سبحانه مشهود لقلبه حاضر في ذكره يذكره الانسان عند ذلك فيدعوه وقد كان معرضا عنه فيجيبه وينجيه إلى البر.
وبذلك يظهر أن المراد بالضلال معناه المعروف، وبمن تدعون آلهتهم من دون الله فحسب وأن الاستثناء منقطع والوجه في جعل الاستثناء منقطعا أن الذي يبتني عليه الكلام من معنى التشبيه لا يناسب ساحة قدسه تعالى لتنزهه من السعي والوقوع في الطريق وقطعه ونحو ذلك.
مضافا إلى أن قوله: " فلما نجاكم إلى البر أعرضتم " ظاهر في أن المراد بالدعوة