أو بالتلويح ثم نجدها فيما هو بأيدينا من القرآن على تلك الشريطة صادقة مصدقة.
ونجده يصف نفسه بأوصاف زاكية جميلة كما يصف نفسه بأنه نور وانه هاد يهدى إلى صراط مستقيم وإلى الملة التي هي أقوم ونجد ما بأيدينا من القرآن لا يفقد شيئا من ذلك ولا يهمل من أمر الهداية والدلالة ولا دقيقة.
ومن أجمع الأوصاف التي يذكرها القرآن لنفسه انه ذكر لله فإنه يذكر به تعالى بما انه آية دالة عليه حية خالدة وبما انه يصفه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ويصف سنته في الصنع والايجاد ويصف ملائكته وكتبه ورسله ويصف شرائعه واحكامه ويصف ما ينتهى إليه أمر الخلقة وهو المعاد ورجوع الكل إليه سبحانه وتفاصيل ما يؤل إليه أمر الناس من السعادة والشقاء والجنة والنار.
ففي جميع ذلك ذكر الله وهو الذي يرومه القرآن باطلاق القول بأنه ذكر ونجد ما بأيدينا من القرآن لا يفقد شيئا من معنى الذكر.
ولكون الذكر من أجمع الصفات في الدلالة على شؤون القرآن عبر عنه بالذكر في الآيات التي أخبر فيها عن حفظه القرآن عن البطلان والتغيير والتحريف كقوله تعالى: " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير ان الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وانه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " حم السجدة: 42 فذكر تعالى ان القرآن من حيث هو ذكر لا يغلبه باطل ولا يدخل فيه حالا ولا في مستقبل الزمان لا بابطال ولا بنسخ ولا بتغيير أو تحريف يوجب زوال ذكريته عنه.
وكقوله تعالى: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " الحجر: 9 فقد اطلق الذكر وأطلق الحفظ فالقرآن محفوظ بحفظ الله عن كل زيادة ونقيصة وتغيير في اللفظ أو في الترتيب يزيله عن الذكرية ويبطل كونه ذكرا لله سبحانه بوجه.
ومن سخيف القول ارجاع ضمير له إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه مدفوع بالسياق وانما كان المشركون يستهزؤن بالنبي لأجل القرآن الذي كان يدعى نزوله عليه كما يشير إليه بقوله سابقا وقالوا: " يا أيها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون وقد