تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢١
الأرض ولأغوينهم أجمعين " الحجر: 39، وفي سورة ص حيث قال: " فبعزتك لأغوينهم أجمعين " ص: 82، ولولا أن الجميع مسجودون بنوعيتهم للملائكة لم يستقم له أن ينقم منهم هذه النقمة ابتداء وهو ظاهر.
وثالثا: أن الخطابات التي خاطب الله سبحانه بها آدم عليه السلام كما في سورة البقرة وسورة طه عممها بعينها في هذه السورة لجميع بنيه، قال تعالى: " يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم " الخ.
والحقيقة الثانية: أن خلق آدم عليه السلام كان خلقا للجميع كما يدل عليه أيضا قوله تعالى: " وبدء خلق الانسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين " السجدة: 8 وقوله: " هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة " المؤمن: 67، على ما هو ظاهر الآيتين أن المراد بالخلق من تراب هو الذي كان في آدم عليه السلام.
ويشعر بذلك أيضا قول إبليس في ضمن القصة على ما حكاه الله سبحانه في سورة أسرى: " لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا " الآية، ولا يخلو عن إشعار به أيضا قوله تعالى: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم " الآيات الأعراف: 172 على ما سيجئ من بيانه.
وللمفسرين في الآية أقوال مختلفة قال في مجمع البيان: ثم ذكر سبحانه نعمته في ابتداء الخلق فقال: " ولقد خلقناكم ثم صورناكم " قال الأخفش: " ثم " هيهنا في معنى الواو، وقال الزجاج: وهذا خطأ لا يجوزه الخليل وسيبويه وجميع من يوثق بعلمه إنما " ثم " للشئ الذي يكون بعد المذكور قبله لا غير، وإنما المعنى في هذا الخطاب ذكر إبتداء الخلق أولا فالمراد أنا بدأنا خلق آدم ثم صورناه فابتدأ خلق آدم من التراب ثم وقعت السورة بعد ذلك فهذا معنى خلقناكم ثم صورناكم " ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم " بعد الفراغ من خلق آدم، وهذا مروي عن الحسن، ومن كلام العرب: فعلنا بكم كذا وكذا وهم يعنون أسلافهم، وفي التنزيل: " وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور " أي ميثاق أسلافكم.
وقد قيل في ذلك أقوال أخر: منها أن معناه خلقنا آدم ثم صورناكم في ظهره ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم، عن ابن عباس ومجاهد والربيع وقتادة والسدي.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست