تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ١٠
السائل على علم من أمر أعمالهم فإن المسؤول لا يؤمن أن يكذب لجلب النفع إلى نفسه ودفع الضرر عن نفسه في مثل هذا الموقف الصعب الهائل الذي يهدده بالهلاك الخالد والخسران المؤبد.
ولذلك فرع عليه قوله: " فلنقصن عليهم بعلم " الخ، وقد نكر العلماء للاعتناء بشأنه وأنه علم لا يخطئ ولا يغلط، ولذلك أكده بعطف قوله: " وما كنا غائبين " عليه للدلالة على أنه كان شاهدا غير غائب وأن وكل عليهم من الملائكة من يحفظ عليهم أعمالهم بالكتابة فإنه بكل شئ محيط.
قوله تعالى: " والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون إلى آخر الآيتين " الآيتان تخبران عن الوزن وهو توزين الأعمال أو الناس العاملين من حيث عملهم، والدليل عليه قوله تعالى: " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة - إلى أن قال - وكفى بنا حاسبين " الأنبياء: 47، حيث دل على إن هذا الوزن من شعب حساب الأعمال، وأوضح منه قوله: " يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " الزلزال: 8، حيث ذكر العمل وأضاف الثقل إليه خيرا وشرا.
وبالجملة الوزن إنما هو للعمل دون عامله فالآية تثبت للعمل وزنا سواء كان خيرا أو شرا غير أن قوله تعالى: " أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " الكهف: 105، يدل على أن الأعمال في صور الحبط - وقد تقدم الكلام فيه في الجزء الثاني من هذا الكتاب - لا وزن لها أصلا، ويبقى للوزن أعمال من لم تحبط أعماله.
فما لم يحبط من الأعمال الحسنة والسيئة له وزن يوزن به لكن الآيات في عين أنها تعتبر للحسنات والسيئات ثقلا إنما تعتبر فيها الثقل الاضافي وترتب القضاء الفصل عليه بمعنى أن ظاهرها أن الحسنات توجب ثقل الميزان والسيئات خفة الميزان لا أن توزن الحسنات فيؤخذ ما لها من الثقل ثم السيئات ويؤخذ ما لها من الثقل ثم يقايس الثقلان فأيهما كان أكثر كان القضاء له فإن كان الثقل للحسنة كان القضاء بالجند وإن كان للسيئة كان القضاء بالنار، ولازم ذلك صحة فرض أن يتعادل الثقلان كما في الموازين الدائرة بيننا من ذي الكفتين والقبان وغيرهما.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست