وقيل: إنها كلها مكية إلا آيتان منها نزلتا بالمدينة، وهما قوله تعالى: (قل تعالوا أتل) والتي بعدها.
وقيل: نزلت سورة الأنعام كلها بمكة إلا آيتين نزلتا بالمدينة، في رجل من اليهود، وهو الذي قال: (ما أنزل الله على بشر من شئ) الآية.
وقيل. (إنها كلها مكية إلا آية واحدة نزلت بالمدينة، وهو قوله تعالى: (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة: الآية.
وهذه الأقوال لا دليل على شئ منها من جهة سياق اللفظ على ما تقدم من وحدة السياق واتصال آيات السورة، وسنبينها بما نستطيعه، وقد ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وكذا عن أبي وعكرمة وقتادة: أنها نزلت جملة واحدة بمكة.
قوله تعالى: (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) افتتح بالثناء على الله وهو كالمقدمة لما يراد بيانه من معنى التوحيد، وذلك بتضمين الثناء ما هو محصل غرض السورة ليتوسل بذلك إلى الاحتجاج عليه تفصيلا، وتضمينه العجب منهم ولومهم على أن عدلوا به غيره والامتراء في وحدته ليكون كالتمهيد على ما سيورد من جمل الوعظ والانذار والتخويف.
وقد أشار في هذا الثناء الموضوع في الآيات الثلاث إلى جمل ما تعتمد عليه الدعوة الدينية في المعارف الحقيقية التي هي بمنزلة المادة للشريعة، وتنحل إلى نظامات ثلاث:
نظام الكون العام وهو الذي تشير إليه الآية الأولى، ونظام الانسان بحسب وجوده، وهو الذي تشتمل عليه الأيد الثانية، ونظام العمل الانساني وهو الذي تومئ إليه الآية الثالثة.
فالمتحصل من مجموع الآيات الثلاث هو الثناء عليه تعالى بما خلق العالم الكبير الذي يعيش فيه الانسان، وبما خلق يكسب.
وما في الآية الثالثة: (وهو الله في السماوات وفي الأرض، بمنزله الايضاح لمضمون