تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١١
الوقت على ضيقه، ولا يسمح بإباحته العمر على قصره.
قوله تعالى: (ثم أنتم تمترون) من المرية بمعنى الشك والريب، وقد وقع في الآية التفات من الغيبة إلى الحضور، وكأن الوجه فيه أن الآية الأولى تذكر خلقا وتدبيرا عاما ينتج من ذلك أن الكفار ما كان ينبغي لهم أن يعدلوا بالله سبحانه غيره، وكان يكفي في ذلك ذكرهم بنحو الغيبة لكن الآية الثانية تذكر الخلق والتدبير الواقعين في الانسان خاصة فكان من الحري الذي يهيج المتكلم المتعجب اللائم أن يواجههم بالخطاب ويلومهم بالتجبيه كأنه يقول: هذا خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور عذرناكم في الغفلة عن حكمه لكون ذلك أمرا عاما ربما أمكن الذهول عما يقتضيه فما عذركم أنتم في امترائكم فيه وهو الذي خلقكم وقضى فيكم أجلا وأجل مسمى عنده؟.
قوله تعالى: (وهو الله في السماوات وفي الأرض) الآيتان السابقتان تذكران الخلق والتدبير في العوالم عامة وفي الانسان خاصة، ويكفى ذلك في التنبه على أن الله سبحانه هو الاله الواحد الذي لا شريك له في خلقه وتدبيره.
لكنهم مع ذلك أثبتوا آلهة أخرى وشفعاء مختلفه لوجوه التدبير المختلفة كإله الحياة وإله الرزق وإله البر وإله البحر وغير ذلك، وكذا للأنواع والأقوام والأمم المتشتتة كإله السماء وإله هذه الطائفة وإله تلك الطائفة فنفى ذلك بقوله: (وهو الله في السماوات وفى الأرض).
فالآية نظيرة، قوله: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم) (الزخرف: 84) مفادها انبساط حكم ألوهيته تعالى في السماوات وفي الأرض من غير تفاوت أو تحديد، وهى إيضاح لما تقدم وتمهيد لما يتلوها من الكلام.
قوله تعالى: (يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون) السر والجهر متقابلان وهما وصفان للأعمال، فسرهم ما عملوه سرا وجهرهم ما عملوه جهرا من غير ستر.
وأما ما يكسبون فهو الحال النفساني الذي يكسبه الانسان بعمله السري والجهري من حسنة أو سيئه فالسر والجهر المذكوران - كما عرفت - وصفان صوريان لمتون الأعمال الخارجية، وما يكسبونه حال روحي معنوى قائم بالنفوس فهما مختلفان بالصورية
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346