إسحاق دون إسماعيل قال في الفصل 44: فكلم الله إبراهيم قائلا: خذ ابنك بكرك إسماعيل واصعد الجبل لتقدمه ذبيحة فكيف يكون إسحاق البكر وهو لما ولد كان إسماعيل ابن سبع سنين الفصل 44 آية 11 - 12.
وأما القرآن فإن آياته كالصريحة في كون الذبيح هو إسماعيل عليه السلام قال تعالى بعد ما ذكر قصة كسر الأصنام وإلقائه في النار وجعلها بردا وسلاما: (فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين وقال إني ذاهب إلى ربى سيهدين رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي قال يا بنى إني أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزى المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين) (الصافات: 113).
والمتدبر في الآيات الكريمة لا يجد مناصا دون أن يعترف ان الذبيح هو الذي ذكر الله سبحانه البشارة به في قوله: (فبشرناه بغلام حليم) وأن البشارة الأخرى التي ذكرها أخيرا بقوله (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين) غير البشارة الأولى، والذي بشر به في الثانية وهو إسحاق عليه السلام غير الذي بشر به في الأولى وأردفها بذكر قصة التضحية به.
وأما الروايات فالتي وردت منها من طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام تذكر أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام، والتي رويت من طرق أهل السنة والجماعة مختلفة: فصنف يذكر إسماعيل وصنف يذكر إسحاق عليهما السلام غير أنك عرفت أن الصنف الأولى هو الذي يوافق الكتاب.
قال الطبري في تاريخه: اختلف السلف من علماء أمة نبينا محمد صلى الله عليه وآله في الذي أمر إبراهيم بذبحه من ابنيه فقال بعضهم: هو إسحاق بن إبراهيم، وقال بعضهم: هو إسماعيل ابن إبراهيم. وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله كلا القولين لو كان فيهما صحيح لم نعده إلى غيره غير أن الدليل من القرآن على صحة الرواية التي رويت عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: هو إسحاق أوضح وأبين منه على صحة الأخرى.