عن الذكر المستمر المستوعب لجميع الأحوال.
قوله تعالى: (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) (الخ) المراد بالاطمينان الاستقرار، وحيث قوبل به قوله (وإذا ضربتم في الأرض) على ما يؤيده السياق كان الظاهر أن المراد به الرجوع إلى الأوطان، وعلى هذا فالمراد بإقامة الصلاة إتمامها فإن التعبير عن صلاة الخوف بالقصر من الصلاة يلوح إلى ذلك.
قوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) الكتابة كناية عن الفرض والايجاب كقوله تعالى (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم (البقرة - 183) والموقوت من وقت كذا أي جعلت له وقتا فظاهر اللفظ ان الصلاة فريضة موقتة منجمة تؤدى في أوقاتها ونجومها.
والظاهر أن الوقت في الصلاة كناية عن الثبات وعدم التغير باطلاق الملزوم على لازمه فالمراد بكونها كتابا موقوتا أنها مفروضة ثابتة غير متغيرة أصلا فالصلاة لا تسقط بحال، وذلك أن إبقاء لفظ الموقوت على بادي ظهوره لا يلائم ما سبقه من المضمون إذ لا حاجة تمس إلى التعرض لكون الصلاة عبادة ذات أوقات معينة مع أن قوله (ان الصلاة) في مقام التعليل لقوله (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) فالظاهر أن المراد بكونها موقوتة كونها ثابتة لا تسقط بحال، ولا تتغير ولا تتبدل إلى شئ آخر كالصوم إلى الفدية مثلا.
قوله تعالى: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم)، الوهن الضعف، والابتغاء الطلب، والألم مقابل اللذة، وقوله (وترجون من الله ما لا يرجون) حال من ضمير الجمع الغائب، والمعنى: أن حال الفريقين في أن كلا منهما يألم واحد، فلستم أسوء حالا من أعدائكم بل أنتم أرفه منهم وأسعد حيث إن لكم رجاء الفتح والظفر والمغفرة من ربكم الذي هو وليكم، واما أعدائكم فلا مولى لهم ولا رجاء لهم من جانب يطيب نفوسهم، وينشطهم في عملهم. ويسوقهم إلى مبتغاهم، وكان الله عليما بالمصالح، حكيما متقنا في امره ونهيه.