أذرع ولكن إذا قايسته إلى غير المتناهى يكون كنقطة سوداء بينها بل لا يعد شيئا ونظير هذا ان الجمل وإن كان كبيرا بالنسبة إلى الدجاجة ولكن إذا قام بقرب جبل عظيم يكون كدجاجة بالنسبة إلى عظمة الجبال ولهذا ورد ان ذرية ادم حين اخذ الميثاق عنهم كانوا كالذرات وليس المراد انهم بشكل الذرات بل المراد ان كل واحد في جنب عظمة الله وبالنسبة إلى كبريائه كالذرة وهي النملة الصغيرة ولا سيما انهم هناك كانوا متطفلين في الوجود موجودين بوجود الواحد القهار لا بوجودات أنفسهم كما في هذا العالم يا من وسعت كل شئ رحمته أي الرحمة الرحمانية التي هي نور الوجود المنبسط على كل شئ كانبساط نور الشمس على الآفاق والأطراف لكن بين النورين فروق كثيرة منها ان نور الشمس قائم بغيره ونور الوجود قائم بذاته ومنها ان نور الشمس انبسط على السطوح والألوان المبصرة فقط ونور الوجود وسعت كل شئ من المبصرات والمسموعات والمذوقات والمشمومات والملموسات والمتخيلات والموهومات والمعقولات وما وراء الحس والعقل ومنها ان نور الشمس انبسط على ظواهر المبصرات ونور الوجود نفذ في بواطن المستنيرات حتى لم يبق المستنيرات التي هي المهيات في العين فجعلها بتمامها أعين الأنوار والمرحومات بشراشرها أنفس الرحمات في حاق الواقع ومنها ان نور الشمس لا شعور له وأنوار شمس الحقيقة كلها عقلاء ناطقون احياء عالمون فمنها الأنوار القاهرة الأعلون ومنها الأنوار القاهرة العرضية التي هي المثل الأفلاطونية ومنها الأنوار الاسفهبدية للاجرام العلوية والسفلية ومنها ان نور الشمس له أفول وله ثان وله مقابل هو الظلمة ونور الوجود ليس له أفول ولا ثاني له لكونه واحدا بالوحدة الحقة لا العددية ولا مضاد له يا من سبقت رحمته غضبه لان الرحمة التي هي الوجود لما وسعت كل مهية ومن حملتها مهية الغضب ومهيات أنواعه لاجرم ان نسبة الرحمة إليه تعالى أسبق من نسبة الغضب لتقدم الوجود على المهية في التحقيق والمجعولية وفى الحقيقة الغضب راجع إلى ايصال الشرور والشرور قد حقق امرها انها راجعة إلى الاعدام وأيضا تحت كل بلاء ولاء وجراحة راحة واهانة اعانة وداء دواء وسقم شفاء والنفوس حتى نفوس الصبيان والحيوانات انما جبلت على ادراك الآلام ومخاوف الأوهام لكيلا تقع في الهلكات ولتصون أبدانها عن الآفات والا لم تبال بداهية واقتحمت في كل مخمصة وبلية فتلفت قبل بلوغ نشوها ومناها ولم يتيسر لها الوصول لي مبتغاها والآلام التي تصيب الأطفال بل الحيوان عند النزع فللخطيئة التكوينية لا التشريعية بل بنظر اخر هي من لوازم العشق بين الروح والجسد وعدم الارتضاء بالمفارقة طبعا وفى أطفال بنى ادم خطايا الاباء والأمهات أيضا كما في الخبر ان قلت لا تزر وازرة وزر أخرى
(٨٨)