لتنكير الموصوف باعتبار ان مجموع الموصوف والصفة منادى من قبيل شبه المضاف واستعمال بعضها بالوجه الأول وبعضها بالوجه الثاني لعدم التفاوت في الوجهين فلو استعمل يا حيا قبل كل حي يا حي الذي قبل كل حي لجاز على القاعدة كما لو استعمل يا حي الذي ليس كمثله حي يا حيا ليس كمثله حي وهكذا لجاز أيضا عليها وظني ان التنكير والتوصيف بالجملة أولي لأن هذه أسماء مركبة و على التعريف والبنا تكون اسما واحدا بسيطا والمأثور هو المتبع ثم الحياة قد تطلق ويراد بها الوجود ولذا كان أحد أسماء الوجود المطلق المنبسط هو الحياة السارية في كل شئ وبهذا الاعتبار كلما هو موجود فهو حي فالجمادات حية وتسبيحها بهذا الاعتبار وكثيرا ما تطلق وخصوصا في عرف أهل النظر ويراد بها ما يقتضى الدرك والفعل وأقل ما يعتبر في الدرك الشعور اللمسي وأقل ما يعتبر في الفعل الحركة الإرادية وأعلاهما كما يكون في الواجب تعالى من العلم الحضوري بذاته على وجه يستتبع انكشاف ما عدا ذاته على ذاته انكشافا حضوريا اجماليا في عين الكشف التفصيلي ومن القدرة التامة بل فوق التمام التي هي عين علمه الفعلي الخالي عن الغرض الزايد على ذاته لأنه تعالى فاعل بالعناية كما عند الحكيم لا بالقصد كما يظنه المتكلم فبهذا الاعتبار فالحيوان ولو كالخراطين وما فوقه حية والجمادات ليست حية أو ليست دراكة فعالة ولو على سبيل أقل ما يعتبر في الدرك والفعل وهو تعالى حي بكلا المعنيين إذ له أعلى مراتب الوجود وله أعلى مراتب العلم والقدرة كما علمت ثم إن الحياة الحقة الحقيقية ذاتية له تعالى إذ الحي إما حقيقي وهو ان يكون نفس الحياة واما غير حقيقي وهو ان يكون شئ له الحياة فالأول كالأول تعالى والمفارقات من العقول والنفوس حيث إن الحياة ذاتية لها والثاني كالابدان المتعلقة بها النفوس فان الحياة لو كانت ذاتية للأجسام بما هي أجسام لكان كل جسم حيا فهى أشياء طرء عليها الحياة ولذا سموا عالم الأجسام عالم الموت والظلمة ولكن حياة العقول والنفوس وإن كانت ذاتية لها بمعنى انها عين ذواتها أعني وجوداتها لكن ليست عين مهياتها كنفس وجوداتها إذ المهية من حيث هي ليست الا هي واما الحي الحق الحقيقي تعالى شانه فحيث لا مهية له غير الآنية فكما حياته عين وجوده كذلك عين ذاته فهو قبل كل حي قبلية ذاتية هي عين حيثية البعدية ولم يرث الحياة من حي بان يكون حياته عرضية معللة بغيره وان ورث الأرض ومن عليها باعتبار انه غاية الغايات والمالك بالاستحقاق للوجودات والكمالات في الباديات والعايدات وفيما مضى وفيما هوات يظهر ذلك بملاحظة الأجسام
(٢٣٨)