يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته سبحانك الخ شبهت السماوات التي هي أوراق كتاب التكوين في محاطيتها بالنسبة إلى محيطية الحق تعالى وسعة نوره وقاهريته بسجل يطوى بعد نشره فان السجل إذا كان في العظمة وعدم التحديد في الغاية لا يحيط بأطرافه ولا بحروفه الغير المتناهية من كان ضيق الوجود بل لو أمكن له الإحاطة ولو ببعضها لم يمكن الا ولاء واما الواسع العليم فهذا السجل وحروفه مع عدم نهايتها كنقطة واحدة في مشهودية كلها دفعة واحدة لا ان بعضها حاضر وبعضها غايب بل هذا هكذا بالنسبة إلى مقربي حضرته فان الأزمنة والزمانيات والأمكنة والمكانيات كالان والنقطة بالنسبة إلى المبادى العالية في النزول والى العقول المستفادة في الصعود كما ينسب إلى رأس الأولياء ورئيسهم علي (ع) انه كان يتلو تمام القران من حين وضع أحد رجليه في ركاب إلى حين وضع الأخر في الأخر والقرآن التدويني مطابق للقران التكويني ولذا نسب الله تعالى في كتابه المجيد الانطواء إلى يمينه سواء كان الباء ظرفية أو سببية أو آلية واليمين في التأويلات عالم العقل كالوادي الأيمن والسر في أن هذا هكذا بالنسبة إلى المقربين ان وجود كل واحد منهم كمراة فيها كل الصور وكل واحد مع ما فيه في صاحبه والبسيط كل الخيرات وقد ذكرنا في فصل النور ان السالك لا بد ان يقصر نظره على نور الأنوار ومعدن الوجودات الذي هو ناظم شتاتها وجامع متفرقاتها لينطوي في نظر شهوده ومشهوده الكل فليرجع إليه يا من جعل الأرض مهادا يا من جعل الجبال أوتادا ربما يستشكل بعض الأوهام الظاهرية أمر وتدية الجبل إذ لم يعلموا سره ولبه فبيانه ان الأرض لما كانت ثقيلة طالبة للمركز كانت اجزائه الثقيلة نسبتها إلى المركز من جميع الجهات على السواء وهذا صار منشأ لسكونها في الوسط ولهذا إذا انتقل مقدار مدرة من جانبه الشرقي إلى جانبه الغربي مثلا لزم ان يتزلزل ويتحرك تمام كرة الأرض إلى أن ينطبق مركز ثقله على مركز العالم وان لم يدرك الحس تلك الحركة لكبرها كما على القول بحركة الأرض على الاستدارة ولكن العقل يقطع به ولا يسكن إلى أن يعادل ويقاوم بمقدارها على خلاف تلك الجهة فالمقاوم والمعادل الموجب لسكونها في الوسط بمنزلة المسمار فالجبال من جميع الجوانب مقاومات ومعادلات فما أحسن التعريف الإلهي والتنبيه الرباني وسمعت ان بعض النصارى كان يقدح به في الكلام الإلهي اللهم اقطع لسانهم كما اظلمت جنانهم يا من جعل الشمس سراجا
(٢٣٥)