شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ٢٤٩
أقول إن كان الأمين بمعنى المؤتمن بالفتح فواضح وإن كان بمعنى المؤتمن بالكسر فمعنى كونه أمينا انه تعالى أئتمن أنبيائه وأوليائه على سره أو أئتمن جميع الناس على صيانة الأمانة التي أشار إليها في كتابه الكريم بقوله تعالى انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا وحقيقة الأمانة التي جعل الانسان أمينا عليها هي الفيض المقدس الإلهي والوجود المنبسط فإنه حمله بشراشره والوجودات تماما يقع في صراطه وهو يفنى عن الكل ويبقى بالله لا كما سواه فان لكل منها حدا يقف عنده ولا تتجاوزه وان شئت قلت هي الاتصاف بأسمائه وصفاته جميعا تنزيهياتها وتشبيهياتها وهو المشار إليه بقوله تعالى وعلم ادم الأسماء كلها وعلى أي تقدير فالتسمية بالأمانة انما هي لكونها من الله تعالى أودعها الانسان وأعادها له ولا بد ان ترد إلى أهلها بالآخرة ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وما الروح والجثمان الا وديعة ولا بد يوما ان ترد الودايع وفيها إشارة أيضا إلى لزوم حفظها و حراستها وعدم المسامحة في امرها واما ظلم الانسان فلا فنائه ذاته وقتله نفسه بالاختيار واما صيغة المبالغة فلان الظالم من يظلم غيره ومن يظلم نفسه فهو ظلوم واما جهل الانسان فلانه يمكن ان يذهل عن جميع ما سوى الله ويجهلها ويمحو عن لوح قلبه نقوش الأغيار ولم يبق في نظر شهوده بدار الوجود سواه ديار واما صيغة المبالغة فلان الجاهل من يجهل غيره وهو يجهل الجميع حتى نفسه فهو جهول لكن نعم ظلم هو عين المعدلة بل المعدلة فدائه من قتلته فعلى ديته ومن علي ديته فانا ديته وحبذا جهل هو عين المعرفة بل هو صدر والمعرفة فناؤه ولذا قال أرسطا طاليس ان العقل الأول يجهل أشياء جهلا هو أشرف من العلم بها فالكل مرائي الانسان والانسان مرات الحق والحق مطلوب الانسان والانسان مطلوب الكل يا بن ادم خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي يا مبين ابان الأشياء وأظهرها يا متين أي قوى يا مكين من المكانة أي المنزلة يقال فلان مكين عند السلطان أي صاحب منزلة عنده قال تعالى في حق جبرئيل (ع) ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم امين وفى حقه تعالى معناه صاحب المرتبة الرفيعة في نفسه أو من قبل الوصف بحال المتعلق وهو خلفائه المكناء يا رشيد قال بعض أهل اللغة هو
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»