جعلا بالذات وثانيهما ان النار التي هي موجود من الموجودات ويقال انها شر مجعولة بالعرض بما هي شر وشرير بمعنى ان الجاعل جعلها بما هي خير ولأجل الانتفاع بها لا لأجل ان يحرق ثوب السعيد مثلا لكن كونها بحيث إذا يماس بدن حيوان يؤذيه لازم لوجودها وكونها يحبث يترتب عليها كمالاتها وخيراتها اللايقة بها واللازم مستند إلى نفس الملزوم بالذات والى جاعل الملزوم بالعرض إذا عرفت هذا فاعلم انك ربما تسمعهم يقولون إن إبليس مجعول بالعرض وفى العقل والجهل ان الجهل وجنوده أو الوهم مجعول بالعرض وهكذا غيرها من الصور القهرية فإبليس والجهل باعتبار حقيقتهما مجعول بالعرض بالمعنى الأول وباعتبار رقيقتهما بالمعنى الثاني والسر فيه ان في العقل ومظاهره الظاهر أقوى وأظهر من المظهر لكونه من الحاشية العليا للموجودات وفى الجهل ومظاهره المظهر أقوى من الظاهر والرقيقة أظهر من الحقيقة لان تلك الحقيقة من الحاشية السفلى للموجودات وهكذا الوهم ولا سيما ان لم تجعل قوة متأصلة كما قيل فالوهم جعل لا بداء الخوف والهزم لك لئلا تقع في المهالك قبل بلوغك إلى الكمال لا لان تخاف من فقد ما تكفل الله من أمورك مثلا ولا بداء المحبة لما يقربك وتحميه من حماك وحريمك لئلا يهمل امرهم بل أمر العالم لا لتزيين الا ما في الكاذبة والغايات الوهمية الداثرة ثم إن ما ذكرناه من التقسيم إلى الأشياء الخمسة غير مخصصين بالخير والشر الإضافيين هو المشهور في كتب القوم والسيد المحقق الداماد نور الله ضريحه خصصه بالإضافيين فقال في القبسات فاذن قد استتب ان الشر في مهيته عدم وجود أو عدم كمال ما لموجود من حيث إن ذلك العدم غير لايق به في نفس الامر أو غير مؤثر عنده وان الموجودات لست من حيث هي موجودات ولا من حيث هي اجزاء نظام الوجود بشرور أصلا انما يصح ان يدخل في الشرية بالعرض إذا قيست إلى خصوصيات الأشياء العادمة لكمالاتها من حيث هي مؤدية إلى تلك الاعدام فاذن انما شرور العالم أمور اضافية مقيسة إلى آحاد اشخاص معينة بحسب لحاظ خصوصياتها مفصولة عن النظام الواحد في المتسق الملتئم من الأشياء جميعها واما في حد أنفسها وبالقياس إلى الكل فلا شر أصلا فلو ان أحدا أحاط بجملة نظام الوجود ولاحظ جميع الأسباب المتأدية إلى المسببات على الترتيب النازل من مبدء الكل طولا وعرضا رأى كل شئ على الوجه الذي ينبغي للوجود والكمال الذي يبتغيه النظام فلم ير في الوجود شرا على الحقيقة بوجه من الوجوه أصلا فليعلم وميض فإذا اعتبرت
(٢٢٤)