انه ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه والمستعطي لا بد ان يكون خاليا صفر الكف حتى يعطى بل كل قابل هذا شرطه يا كافي من استكفاه يا هادي من استهداه يا كالي من استكلاه يا راعى من استرعاه يا شافي من استشفاه يا قاضى من استقضاه يا مغنى من استغناه يا موفى من استوفاه يا مقوى من استقواه يا ولي من استولاه سبحانك الخ كل ذلك بشرط ان يوافق في الطلب لسان مقاله مع لسان حاله والا فلا عبرة بمجرد لقلقة اللسان وقد مر سابقا فلا تتوهم انه كثيرا ما يستهدى ولا يحصل الهداية اللهم إني أسئلك بسمك يا خالق أصل الخلق بحسب اللغة التقدير فهو تعالى خالق باعتبار انه يوجد الأشياء على وفق التقدير والتقدير إما الهندسة والذكر الأول كما مر في اسمه تعالى ذا الفضل والقضاء واما قدره الذي هو علمه بالجزئيات هذا بحسب اللغة واما بحسب الاصطلاح فالخالق معناه موجد عالم الخلق والكاينات كما أنه باعتبار ايجاده العقول مبدع وباعتبار ايجاده السماوات مخترع يا رازق يا ناطق يا صادق يا فالق فلقه أي شقه وهو تعالى فالق الحب والنوى باخراج الأغصان والأوراق والأزهار منها وفالق كل مادة باخراج الصور منها بل فالق ظلمة العدم بنور الوجود كما هو فالق ظلمة الليل بنور الاصباح يا فارق بين الحق والباطل وفارق كل أمر في ليلة القدر قال تعالى حم والكتاب المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا انا كنا مرسلين وقال كثير من المفسرين فيها يفرق كل أمر حكيم ان في هذه الليلة يقضى كل أمر محكم لا تلحقه الزيادة والنقصان فيقسم الآجال والأرزاق وغيرها من أمور السنة إلى مثلها من العام القابل أقول لم اطلع على نكتة التعبير عن يقضى بكلمة يفرق في كلامهم ولعل النكتة بحسب ظاهر التفسير ان التقدير يلزمه التفريق والتوزيع لكل حق على ذي حق وبحسب الباطن ان هذا العالم دار الاختلاط والامتزاج فان الأنواع المختلفة مختلطة وافراد النوع الواحد مفترقة بخلاف نشاة العلم والتجرد الا ترى ان في عالم علمنا يعقل كل نوع تاما وممتازا عن حقيقة نوع اخر مجردا عما يخالطه في المواد من الاعراض الغريبة فالبياض والسطح والشكل وغيرها كل منها في الخارج مختلط مع الأخر ومع الموضوع لا تحقق لها بدون الموضوع ولا للموضوع بدون العوارض المشخصة المكتنفة به واما في العلم فيحصل كل منها تاما مفترقا عما سوى ذاتياته حتى عن الموضوع بحيث يكون جامعا لكل ما هو من سنخه فكأنه كل افراد
(٢٢٠)