شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ١٨٦
ارتسام صورة المرئي في العين أو اتصال الشعاع الخارج من العين بالمرئي وانما محل النزاع انا إذا عرفنا الشمس مثلا بحد أو رسم كان نوعا من المعرفة ثم إذا أبصرناها وغمزنا العين كان نوعا اخر من المعرفة فوق الأول ثم إذا فتحنا العين حصل نوع اخر من الادراك فوق الأولين نسميها الرؤية ولا يتعلق في الدنيا الا بما هو في جهة ومكان فمثل هذه الحالة الادراكية هل يصح ان تقع بدون المقابلة والجهة وان يتعلق بذات الله تعالى منزها عن الجهة والمكان أم لا واحتج الأشاعرة بحجة عقلية كلامية لا نطيل الكلام بذكرها وأدلة نقلية منها قوله تعالى حكاية عن موسى (ع) رب أرني انظر إليك قال إن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني والاحتجاج به من وجهين أحدهما ان موسى (ع) سئل الرؤية فلو استحالت كان سؤاله (ع) إما عبثا ان علم المحالية واما جهلا ان لم يعلم وكلاهما محالان على النبي ولا سيما انه كليم الله كيف والنبي يدعو إلى العقايد الحقة والأعمال الصالحة وثانيهما انه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل وهو أمر ممكن في نفسه فكذا ما علق عليه واعترض على الأول بان سؤال موسى (ع) عن لسان قومه بدليل قوله تعالى لن نؤمن لك حتى نر الله جهرة وقوله تعالى أفتهلكنا بما فعل السفهاء وأجيب بأنه مع مخالفته للظاهر حيث لم يقل أرهم ينظروا إليك فاسد إما أولا فلأنهم لما قالوا أرنا الله جهرة زجرهم بأخذ الصاعقة فلم يحتج إلى سؤال الرؤية وليس اخذ الصاعقة دليلا لهم لجواز ان يكون ذلك لقصدهم اعجاز موسى (ع) عن اتيان ما طلبوه عنادا أو لعدم قابليتهم بما هم منهمكون في الدنيا ولذا قال الأشاعرة المؤمنون يرونه تعالى في الآخرة واما ثانيا فلان تجويز الرؤية باطل عند المعتزلة فلا يجوز لموسى (ع) تأخير رد الرؤية وتقرير الباطل الا ترى انهم لما قالوا اجعل لنا الها كمالهم آلهة رد عليهم من ساعة بقوله انكم قوم تجهلون وعلى الوجه الثاني بأنها علقت على الاستقرار عقيب النظر بدليل ألفا وكلمة ان وهو حالة الاندكاك ولا نسلم امكان الاستقرار ح والجواب ان الاستقرار حال الحركة ممكن لا بشرط الحركة كما أن قيام زيد ممكن حال قعوده لا بشرط قعوده ومنها قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وجه الاحتجاج ان النظر في اللغة جاء بمعنى الانتظار ويتعدى بنفسه وبمعنى التفكر ويستعمل بفي وبمعنى الرأفة ويستعمل باللام وبمعنى الرؤية ويستعمل بالى كما في الآية فوجب حمله على الرؤية
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»