فهذا الشك مما لم يبلغني عن أحد من السابقين واللاحقين شئ في دفاعه والوجه في ذلك ما اوردته وعلقته في كتاب الإيقاظات بفضل الله العظيم وحسن توفيقه وتلخيصه انه إذا انساقت العلل والأسباب المترتبة المتأدية بالانسان إلى أن يتصور فعلا ما ويعتقد انه خير حقيقيا كان أو مظنونا أو انه نافع في خير حقيقي أو مظنون انبعث له من ذلك تشوق إليه لا محالة فإذا تأكد هيجان التشوق واستتم نصاب اجماع الشوق تم قوام الإرادة المستوجبة اهتزاز العضلات والأعضاء الأدوية فاذن تلك الهيئة الشوقية المتأكدة الأكيدة الاجماعية المعبر عنها بالإرادة حالة شوقية اجمالية للنفس بحيث إذا ما قيست إلى الفعل نفسه وكان هو الملتفت إليه باللحاظ بالذات كانت هي شوقا وإرادة بالنسبة إلى نفس الفعل وإذا قيست إلى إرادة الفعل والشوق الاجماعي إليه وكان الملحوظ بالذات تلك الإرادة الاجماعية لا نفس الفعل كانت هي شوقا وإرادة بالنسبة إلى الإرادة من غير تشوق اخر مستأنف وإرادة أخرى جديدة وكذلك الامر في إرادة الإرادة وإرادة إرادة الإرادة إلى ساير المراتب التي في (ذمة) العقل استطاعة ان يلتفت إليها بالذات ويلاحظها على التفصيل فكل من تلك الإرادة الملحوظة على التفصيل يكون بالإرادة والاختيار وهي بأسرها مضمنة في تلك الحالة الشوقية الاجماعية الاجمالية المسماة بإرادة الفعل واختياره لست أقول تلك الإرادة هي إرادة الفعل بعينها بل أقول للنفس المتشوقة المريدة المختارة للفعل حالة شوقية اجمالية صالحة لان يفصلها العقل إلى إرادة الفعل وإرادة الإرادة وهكذا والترتب بين تلك الإرادات بالتقدم والتأخر بالذات ليس يصادم اتحادها في تلك الحالة الاجمالية بهيئتها الوحدانية فان ذلك انما يمتنع في الكمية الاتصالية والهوية الامتدادية فلذلك ما ان المسافة والأينيه يستحيل ان ينحل إلى متقدمات ومتأخرات بالذات وهي اجزاء تلك المسافة وابعاضها بل انما يصح تحليلها إلى اجزائها وابعاضها المتقدمة والمتأخرة بالمكان واما الحركات القطعية المتصلة الواحدة المنطبقة على تلك المسافة المتصلة الشخصية فان العقل بمعونة الوهم يحللها إلى ابعاضها المترتبة بالسابقية والمسبوقية بالذات وسبيل الإرادة في ذلك سبيل العلم فإنهما يرتضعان في هذا الحكم من ثدي واحد وتناغيهما القريحة العقلية في مهد واحد والبيان التفصيلي هنالك على ذمة كتاب الإيقاظات فاذن نقول في إزاحة الشك ان ريم انه يلزم حصول الإرادة من غير إرادة واختيار ورضاء من الانسان بالقياس إلى الإرادة فقد بزغ لك بطلان ذلك وان ريم ان يجب انتهاء استناد الإرادة في وجودها ووجوبها إلى القدرة التامة الوجوبية والإرادة
(١١٩)