شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ١١٧
الحق على لسان الإمام الرازي مع اصراره على نصرة مذهب الأشعري وتلقى هذا الكلام منه بالقبول جماعة من الفحول كالسيد المحقق الداماد س في القبسات وصدر المتألهين س في الاسفار فقال في المباحث المشرقية اعلم انك متى حققت علمت أن الشك في مسألة القدم والحدوث مسألة الجبر والقدر شئ واحد وهو ان الشئ متى كانت فاعليته في درجة الامكان استحال ان يصدر عنه الفعل الا بسبب اخر فهذه المقدمة هي العمدة في المسئلتين ثم فاعلية الباري لما استحال ان يكون وجوبها بسبب منفصل وجب ان يكون وجوبها لذاته ومتى كانت فاعليته لذاته وجب دوام الفعل واما فاعلية العبد فلما استحال ان يكون وجوبها لذات العبد لعدم دوام ذاته ولعدم دوام فاعليته لاجرم وجب استنادها إلى ذات الله تعالى وح فيكون فعل العبد بقضاء الله وقدره فان قيل فإذا كان الكل بقدرة الله فما الفائدة في الامر والنهى والثواب والعقاب وأيضا إذا كان الكل بقضاء الله تعالى وقدره كان الفعل الذي اقتضى القضا وجوده واجبا والفعل الذي اقتضى القضا عدمه ممتنعا ومعلوم ان القدرة لا يتعلق بالواجب والممتنع فكان يجب ان لا يكون الحيوان فاعلا للفعل بالقدرة لكنا نعلم ببديهة العقل كوننا قادرين على الافعال فبطل ما ذكرتموه فالجواب إما الامر والنهى فوقوعهما أيضا من القضا والقدر واما الثواب والعقاب فيهما من لوازم الافعال الواقعة بالقضاء والقدر فان الأغذية الردية كما انها أسباب الأمراض الجسمانية كذلك العقايد الفاسدة والأعمال الباطلة أسباب الأمراض النفسانية وكذلك القول في جانب الثواب واما حديث القدرة فوجوب الفعل لا ينافى كونه مقدورا لان وجوب الفعل معلول لوجوب القدرة والمعلول لا ينافى العلة بل متى كان وجوبه لا لأجل القدرة فح يستحيل ان يكون مقدورا بالقدرة والذي يدل على صحة ما ذكرنا ان أصحاب هذا القول يقولون إنه يجب على الله اعطاء الثواب والعوض للآلام في الآخرة والاخلال بالواجب يدل إما على الجهل واما على الحاجة وهما محالان على الله تعالى والمؤدى إلى المحال محال فيستحيل من الله ان لا يعطى الثواب والعوض وإذا استحال منه عدم الاعطاء لزم وجوب الاعطاء فاذن صدور هذا الفعل عنه واجب مع أنه مقدور له فعلم أن كون الفعل واجبا بالتفسير الذي ذكرناه لا يمنع كونه مقدورا انتهى كلامه بعبارته وبالجملة الجبر في الإرادة وعدم كون الإرادة بالإرادة مما لا ينبغي الكلام فيه قال المعلم الثاني أبو نصر الفارابي في الفصوص فان ظن ظان انه يفعل ما يريد ويختار ما يشاء استكشف من اختياره هل هو حادث فيه بعد ما لم يكن أو غير حادث فإن كان غير حادث
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»