بالبينية ولا عين منها ولا اثر وكل يدعى وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا فيقولون ليس فعل العبد مفوضا إلى نفسه بان يثبت له قدرة مستقلة واختيار مؤثر والا لزم الشرك ونفى التوحيد ولا مجبورا عليه من كل وجه لا يصح نسبة الفعل إليه أصلا ولو بطريق الكسب المتقدم ذكره والا لبطل التكليف وخلا عن القايدة وكان جبرا محضا وهم يتبرؤون عنه وينسبونه إلى الجبرية اتباع جهم ابن صفوان القائلين بان العبد غير فاعل لا ايجابا ولا اختيارا بل إن الفعل وجميع صفاته واقع بقدرة الله تعالى وانما العبد آلة ولا فرق بينه وبين الجمادات واثبات هذه البينية أيضا باطل إذ لا فرق بين قولهم وقول جهم ابن صفوان لان هذا الكسب إن كان له مدخل في التأثير فقد جاء التفويض وهم يتحاشون عنه رأسا والا فقد قالوا بما قال جهم ووقعوا فيما هربوا عنه وقال المحقق الطوسي س في معنى البينية ان إرادة العبد علة قريبة لفعله وإرادة الحق علة بعيدة له والأشعري قصر نظره على العلة البعيدة فقال بالجبر والمعتزلي على القريبة فقال بالتفويض والحق ان وقوع الفعل موقوف على مجموع الإرادتين كما قال عالم أهل البيت لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الامرين وههنا اشكال وهو ان إرادة العبد إذا كانت مستندة إلى أمر ليس معلولا له بل لكونها حادثة مستندة إلى الحوادث المستندة إلى إرادة الله لوجوب انتهاء سلسلة الحوادث إليه تعالى لزم الجبر إذ لا فرق بين ايجاد فعل العبد بلا توسط ارادته وبين ايجاده بتوسط إرادة لا استقلال له فيها إذ تخلف الفعل على كلا التقديرين محال وأجاب المحققون عنه بان هذا معنى الايجاب لا الجبر وقد مر ان الايجاب الاختيار لا ينافى الاختيار إذ في هذه الصورة يصدق ان العبد شاء وفعل ولا يقدح في ذلك وجوب مشيته واختياره با عداد أمر بل الايجاب المنافى للاختيار ايجاب الفواعل بالطبع كايجاب النار للاحراق الغير المسبوق بالمشية وايجاب مسبوق بمشية من غير الفاعل كايجاب فعل العبد بإرادة الله كما هو مذهب الأشعري واما إذا كان فعل العبد مسبوقا بمشيته وارادته فهو اختياري وإن كان على سبيل الايجاب والوجوب إذ المعتبر في الفعل الاختياري ان يكون مسبوقا بقدرته واختياره ويكون لهما مدخلية في وجود الفعل من العبد واما كون قدرته واختياره بقدرته واختياره فلا والقادر هو الذي ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل لا الذي ان شاء شاء وان لم يشأ لم يشأ ولا الذي لم يجب فيه المشية أو القدرة أو الفعل بل ولو وجب الكل ومع ذلك ليس المشية ولا القدرة أحدية التعلق إذ يصدق مع الوجوب انه لو لم يشأ لم يفعل كما في الواجب تعالى لان صدق الشرطية لا يستلزم صدق طرفيها كما حقق في موضعه ولقد جرى
(١١٦)