حقيقة الامر يا أسرع الحاسبين لكون الأزمنة والزمانيات بالنسبة إليه كالان والأمكنة والمكانيات بالنسبة إليه كالنقطة وهي مطوية عنده بل الكل مقهورة لديه وجمع متفرقات شتى واحد فذلكتها عليه يا اسمع السامعين إذ يترتب على وجوده تعالى ما يترتب على جميع القوى والمدارك لان معطى الكمال أحق به هو وهو سمع كله بصر كله لا ان الكل له بعض ومع ذلك يسمع بكل سمع ويبصر بكل بصر فكما يحضر الأصوات لقوة من قوانا وهي خبيرة بهذا العالم السمع كذلك جميع الأصوات بل تسبيحات الأشياء ودعواتها وطلباتها حاضرة لنفس ذاته وقد مر ان علمه يرجع إلى سمعه وبصره لكونه حضوريا شهوديا لا ان سمعه وبصره يرجع إلى علمه وآية حضور المسموعات والمبصرات لوجوده تعالى لا لجارحة منه لانتفائها عنه وجود نبينا (ص ع) حيث كان يرى من خلفه فكان هو صلى الله عليه وآله بحسب وجوده الجسماني البشرى بصرا كله مثلا فان من يقدر على ايجاد جليدية هي بقدر العدسة أو روح بخارى له مقدار مخصوص يقدر على ايجاد أعظم منه وأكبر فان الصغر والكبر لا يغير حال الشئ في الامكان والامتناع والفاعل تعالى شانه في كمال القدرة فبدنه البشرى كان له خاصية الجليدية والروح البخاري وكيف لا وهو مجاور الروح النوري الإلهي فكان روحا مجسدا وجسدا مروحا وقد مر ان اخوان التجريد يشرق عليهم أنوار منها ما يخطفون به ويعلقون في الهواء ويجذبون ويمشون إلى السماء فما ظنك بمن هو أطهر الطاهرين وأشد تجردا من كل المجردين بعد الحق كما قال (ص ع) انا النذير العريان بلفظ المسند المعرف باللام المقصور على المسند إليه وهو صلى الله عليه وآله مملو من نور الله وبهائه وسمعه وبصره ومظهر بجميع أسمائه وقائل من رآني فقد رأى الله فجسده المطهر صار عين روح الله ونوره فما ورد من أمثال هذه الكلمات والمعجزات في حقه قطرة من قطرات بحار كماله ولمعة من لمعات أنوار جماله فان البحر لا ينزف وسر الغيب لا يعرف وكلمة الله لا توصف فهو يريد بإرادة الله ويقدر بقدره الله كما قال حسنة من حسناته قلعت باب خيبر بقوة ربانية لا بقوة جسدانية وفى اشعار الجامي از وجود خود چو نى كشتم تهى * نيست از غير خدايم آكهى وللطافة جسده بلطافة روحه المطهر في الغاية عرج إلى مقام قاب قوسين أو أدنى في لحظة ورجع ونعم ما قال أبو نواس ثقلت زجاجات اتتنا فرغا * حتى إذا ملئت بصرف الراح * خفت وكادت تستطير بماحون ان الجسوم تخف بالأرواح يا ابصر الناظرين قد علم الكلام فيه والسالك إذا تحقق بمعنى هذين الاسمين جعل شمته التأدب فلا يمد رجله ولا يضع جنبه على الأرض في الملا وفى الخلا ولا يشتغل
(١٢٢)