التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٧ - الصفحة ٢٢١
وفي الكافي: عن الصادق (عليه السلام): إن قوما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما نزلت هذه الآية أغلقوا الأبواب، وأقبلوا على العبادة، وقالوا: قد كفينا، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فأرسل إليهم، فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟ فقالوا: يا رسول الله تكفل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة، فقال: إنه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب (1).
وعنه (عليه السلام): هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء ليس عندهم ما يتحملون به إلينا، فيسمعون حديثنا، ويقتبسون من علمنا، فيرحل قوم فوقهم، وينفقون أموالهم، ويتعبون أبدانهم، حتى يدخلوا علينا فيسمعوا حديثنا فينقلوه إليهم فيعيه هؤلاء ويضيعه هؤلاء، فأولئك الذين يجعل الله عز ذكره لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون (2).
* (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) *: كافيه.
* (إن الله بلغ أمره) *: يبلغ ما يريده ولا يفوته مراد، وقرئ بالإضافة.
* (قد جعل الله لكل شئ قدرا) *: تقديرا أو مقدارا لا يتغير، وهو بيان لوجوب التوكل، وتقرير لما تقدم من الأحكام، وتمهيد لما سيأتي من المقادير.
في الكافي: عن الكاظم (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال: للتوكل على الله درجات، منها:
أن تتوكل على الله في أمورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيا تعلم أنه لا يألوك (3) خيرا وفضلا، وتعلم أن الحكم في ذلك له، فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه، وثق به فيها وفي غيرها (4).
وفي المعاني مرفوعا: جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا جبرئيل ما التوكل على الله؟ فقال: العلم بأن المخلوق لا يضر، ولا ينفع، ولا يعطي، ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعتمد إلى أحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التوكل (5).

١ - الكافي: ج ٥، ص ٨٤، ح ٥، باب الرزق من حيث لا يحتسب.
٢ - الكافي: ج ٨، ص ١٧٨ - ١٧٩، ح ٢٠١.
٣ - إلى الرجل: إذا قصر وترك الجهد. مجمع البحرين: ج ١، ص ٢٩، مادة " ألا ".
٤ - الكافي: ج ٢، ص ٦٥، ح ٥، باب التفويض إلى الله والتوكل عليه.
٥ - معاني الأخبار: ص ٢٦٠ - ٢٦١، ح ١، باب معنى التوكل على الله عز وجل، والصبر، والقناعة، والرضا، والزهد، والإخلاص، واليقين.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»