التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٦٢
الله " الآية (1).
أقول: وهذا الحكم يشمل اللواتي لم يدخل بهن.
ففي الكافي: عن الحسن البصري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوج امرأة من بني عامر بن صعصعة يقال لها: سنى وكانت من أجمل أهل زمانها فلما نظرت إليها عائشة وحفصة قالتا:
لتغلبنا هذه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجمالها، فقالتا لها: لا يرى منك رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرصا، فلما دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) تناولها بيده فقالت: أعوذ بالله، فانقبضت يد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها، فطلقها وألحقها بأهلها، وتزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) امرأة من كندة بنت أبي الجون فلما مات إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابن مارية القبطية، قالت: لو كان نبيا ما مات ابنه، فألحقها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأهلها قبل أن يدخل بها، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وولى الناس أبو بكر أتته العامرية، والكندية، وقد خطبتا فاجتمع أبو بكر وعمر وقالا لهما: اختارا إن شئتما الحجاب، وإن شئتما الباه، فاختارتا الباه فتزوجتا، فجزم أحد الزوجين، وجن الآخر.
وقال الراوي: فحدثت بها الحديث زرارة والفضيل فرويا عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال:
ما نهى الله عز وجل عن شئ إلا وقد عصي فيه حتى لقد أنكحوا أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعده وذكر هاتين العامرية والكندية، ثم قال: لو سألتهم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لابنه؟ لقالوا: لا، فرسول الله أعظم حرمة من آبائهم (2) (3).

١ - تفسير القمي: ج ٢، ص ١٩٥. ٢ - الكافي: ج ٥، ص ٤٢١، ح ٣، باب آخر منه وفيه ذكر أزواج النبي (صلى الله عليه وآله).
٣ - وروى ابن إدريس في المستطرفات: في ذيل كتابه السرائر: ج ٣، ص ٥٥، عن موسى بن بكر الواسطي، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما حرم الله شيئا إلا وقد عصي فيه، لأنهم تزوجوا أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعده، فخيرهن أبو بكر بين الحجاب ولا يتزوجن، أو يتزوجن، فاخترن التزويج، فتزوجن، قال زرارة: ولو سألت بعضهم أرأيت لو أن أباك تزوج امرأة ولم يدخل بها حتى مات، أتحل لك؟ إذن لقال: لا، وهم قد استحلوا أن يتزوجوا أمهاتهم إن كانوا مؤمنين، فإن أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثل أمهاتهم.
وجاء في البداية والنهاية: ج ٥، ص 255، حديث عن عائشة قال: المرأتان اللتان لم يدخل بهما فهما: عمرة بنت يزيد الغفارية، والشنباء. فأما عمرة فإنه خلا بها وجردها فرأى بها وضحا فردها وأوجب لها الصداق وحرمت على غيره، وأما الشنباء. فطلقها وأوجب لها الصداق وحرمت على غيره.
أقول: كيف سمح أبو بكر وعمر لهما بالزواج حتى اختارتا الباه على الحجاب فتزوجتا؟ مع العلم بحرمة التزويج لهما بعد الطلاق، اللهم إلا أن يقال إنهما جهلا هذا الحكم أو أن يقال بأن هذا اجتهاد في مقابل النص كما صدر منهما في موارد كثيرة، انظر النص والاجتهاد.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»