التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٣٢٨
ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين 11 والأرض نباتها فيكون أخضر ضعيفا، ثم يجئ وقت الصيف وهو حار فينضج الثمار ويصلب الحبوب التي هي أقوات العالم وجميع الحيوان، ثم يجئ من بعده وقت الخريف فيطيبه ويبرده، ولو كان الوقت كله شيئا واحدا لم يخرج النبات من الأرض، لأنه لو كان الوقت كله ربيعا لما تنضج الثمار، ولم تبلغ الحبوب، ولو كان كله صيفا لاحترق كل شئ في الأرض، ولم يكن للحيوان معاش ولا قوت، ولو كان الوقت كله خريفا ولم يتقدمه شئ من هذه الأوقات لم يكن شئ يتقوته العالم، فجعل الله هذه الأقوات في أربعة أوقات: في الشتاء، والربيع، والصيف، والخريف، وقام به العالم واستوى وبقى وسمى الله هذه الأوقات أياما للسائلين يعني المحتاجين، لأن كل محتاج سائل، وفي العالم من خلق الله من لا يسأل ولا يقدر عليه من الحيوان كثير فهم سائلون وإن لم يسألوا (1).
أقول: يعني أنهم سائلون بلسان الحال وهو أفصح وأبلغ من لسان المقال.
وقد سبق تفسير آخر للآية في سورة الأعراف (2)، وقرئ سواء بالجر.
* (ثم استوى إلى السماء) *: قيل: أي قصد نحوها، من قولهم استوى إلى مكان كذا إذا توجه إليه توجها لا يلوي إلى غيره، " وثم " للتفاوت ما بين الخلقين لا للتراخي في المدة، إذ لا مدة قبل خلق السماء (3).
* (وهي دخان) *: ظلماني.
* (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها) *: شئتما ذلك أو أبيتما (4).

١ - تفسير القمي: ج ٢، ص 262، س 15.
2 - ذيل الآية: 54، انظر ج 3، ص 184 من كتابنا تفسير الصافي.
3 - قاله البيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل: ج 3، ص 345، س 5.
4 - وفي نسخة: [أو أبيتما].
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»