قصته في كتابه ثم قال: " وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين " (1) قال: وقد اختلفت الروايات في الذبيح فمنها: ما ورد أنه (2) إسماعيل، ومنها: ما ورد بأنه إسحاق، ولا سبيل إلى رد الأخبار متى صح طرقها، وكان الذبيح إسماعيل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي أمر أبوه بذبحه، وكان يصبر لأمر الله ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب، فعلم الله ذلك من قلبه فسماه الله بين الملائكة ذبيحا لتمنيه لذلك، قال: وقد ذكرت إسناد ذلك في كتاب النبوة متصلا بالصادق (عليه السلام) (3).
أقول: ويؤيد هذا أن البشارة بإسحاق كانت مقرونة بولادة يعقوب فلا يناسب الأمر بذبحه مراهقا.
وفي الكافي: عنهما (عليهما السلام) يذكران أنه لما كان يوم التروية قال جبرئيل (عليه السلام) لإبراهيم:
ترو (4) من الماء فسميت التروية، ثم أتى منى فأباته بها، ثم غدا به إلى عرفات فضرب خباءه بنمرة دون عرفة، فبنى مسجدا بأحجار بيض، وكان يعرف أثر مسجد إبراهيم (عليه السلام) حتى أدخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث يصلي الإمام يوم عرفة فصلى بها الظهر والعصر، ثم عمد به إلى عرفات فقال: هذه عرفات فاعرف بها مناسكك، واعترف بذنبك، فسمي عرفات، ثم أفاض إلى المزدلفة فسميت المزدلفة، لأنه إزدلف إليها، ثم قام على المشعر الحرام فأمره الله أن يذبح ابنه، وقد رأى فيه شمائله وخلائقه وأنس ما كان إليه، فلما أصبح أفاض من المشعر إلى منى، فقال لامه: زوري البيت أنت واحتبس الغلام، فقال: يا بني هات الحمار والسكين حتى أقرب القربان، سأل الراوي ما أراد بالحمار والسكين؟ قال: أراد أن يذبحه، ثم يحمله فيجهزه ويدفنه، قال: فجاء الغلام بالحمار والسكين، فقال: يا أبت أين القربان؟ قال:
ربك يعلم أين هو. يا بني أنت والله هو، إن الله قد أمرني بذبحك فانظر ماذا ترى؟ " قال يأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصبرين " قال: فلما عزم على الذبح، قال: يا أبت خمر وجهي، وشد وثاقي، قال: يا بني الوثاق مع الذبح والله لا أجمعهما عليك اليوم، قال الباقر (عليه السلام):