التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٤٧
فسلني حاجتك؟ فقال: مالي من حاجة أيها الملك، ولكن رأيت رجلين في بيت الآلهة فما حالهما؟ قال الملك: هذان رجلان أتياني ببطلان ديني ويدعواني إلى إله سماوي فقال: أيها الملك فمناظرة جميلة فإن يكن الحق لهما اتبعناهما، وإن يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا وكان لهما ما لنا وعليهما ما علينا، قال: فبعث الملك إليهما فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما: ما الذي جئتماني به؟ قالا: جئنا ندعوه إلى عبادة الله الذي خلق السماوات والأرض ويخلق في الأرحام ما يشاء، ويصور كيف يشاء وأنبت الأشجار والثمار وأنزل القطر من السماء، قال: فقال لهما:
إلهكما هذا الذي تدعوان إليه وإلى عبادته إن جئنا بأعمى أيقدر أن يرده صحيحا؟ قالا: إن سألناه ان يفعل فعل إن شاء، قال: أيها الملك علي بأعمى لم يبصر شيئا قط، قال: فاتي به، فقال لهما: ادعوا إلهكما أن يرد بصر هذا، فقاما وصليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان وهو ينظر إلى السماء، فقال: أيها الملك علي بأعمى آخر فاتي به قال: فسجد سجدة ثم رفع رأسه فإذا الأعمى يبصر، فقال: أيها الملك حجة بحجة علي بمقعد فاتي به فقال لهما مثل ذلك، فصليا ودعوا الله فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه وقام يمشي، فقال: أيها الملك علي بمقعد آخر فاتي به فصنع به كما صنع أول مرة فانطلق المقعد، فقال: أيها الملك قد أتيا بحجتين وأتينا بمثلهما، ولكن بقى شئ واحد فإن كان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما، ثم قال: أيها الملك بلغني أنه كان للملك ابن واحد ومات فإن أحياه إلههما دخلت معهما في دينهما، فقال: له الملك: وأنا أيضا معك ثم قال لهما: قد بقيت هذه الخصلة الواحدة قد مات ابن الملك فادعوا إلهكما أن يحييه، قال: فخرا ساجدين لله عز وجل وأطالا السجود ثم رفعا رؤوسهما، وقالا للملك ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله، قال: فخرج الناس ينظرون فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب، قال: فاتي به الملك فعرف أنه ابنه فقال له: ما حالك يا بني؟ قال: كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدين يسألانه أن يحيني فأحياني، قال: يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال: نعم قال: فأخرج الناس جملة إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول: له أبوه: انظر، فيقول: لا، ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال: هذا أحدهما وأشار بيده إليه، ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال: وهذا الآخر قال: فقال: النبي (عليه السلام) صاحب الرجلين أما أنا فقد آمنت بإلهكما، وعلمت أن ما جئتما به هو الحق، قال: فقال الملك:
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»