التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٣٥٨
قال صاحب المجمع ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
(106) إن في هذا فيما ذكر من الأخبار والمواعظ لبلاغا لكفاية في البلوغ إلى البغية لقوم عابدين همهم العبادة دون العادة.
(107) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين لأن ما بعث به سبب لاسعادهم وموجب لصلاح معاشهم ومعادهم وكونه رحمة للكفار أمنهم به من الخسف والمسخ وعذاب الاستيصال.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث مجيبا لبعض الزنادقة وأما قوله لنبيه صلى الله عليه وآله وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وإنك ترى أهل الملل المخالفة للأيمان ومن يجري مجراهم من الكفار مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية وأنه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير فإن الله تبارك وتعالى اسمه إنما عنى بذلك إنه جعله سبيلا لإنذار أهل هذه الدار لأن الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض وكان النبي صلى الله عليه وآله منهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من سائر الخليقة وإن خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كانت نبيهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة أو غير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية وأن الله علم من نبينا صلى الله عليه وآله ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه من كنت مولاه فهذا علي مولاه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا إنه لا نبي بعدي وليس من خليقة النبي صلى الله عليه وآله ولا من شيمته أن يقول قولا لا معنى له فلزم الأمة أن تعلم أنه لما كانت النبوة والاخوة موجودتين في خلق هارون ومعدومتين فيمن جعله النبي صلى الله عليه وآله بمنزلته أنه قد استخلفه على أمته كما استخلف موسى هارون عليه السلام حيث
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست