في شأن المسجد، وأبي عامر الراهب، وقد كانوا حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم يبنون ذلك للصلاح والحسنى، فأنزل الله على رسوله (والذين اتخذوا مسجدا) الآية، قال: (وإرصادا لمن حارب الله) يعني أبا عامر الراهب كان يأتيهم فيذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه.
وفي تفسير الإمام عليه السلام عند قوله: (ولا تقولوا راعنا) من سورة البقرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان تأتيه الأخبار عن صاحب دومة (1) الجندل وكان ملك النواحي له مملكة عظيمة مما يلي الشام وكان يهدد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقصده، وقتل أصحابه، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خائفين وجلين من قبله.
قال: ثم إن المنافقين اتفقوا وبايعوا لأبي عامر الراهب الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفاسق وجعلوه أميرا عليهم ونجعوا له بالطاعة، فقال لهم: الرأي أن أغيب عن المدينة لئلا أتهم إلى أن يتم تدبيركم، وكاتبوا أكيدر - صاحب دومة الجندل - ليقصد إلى المدينة فأوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعرفه ما أجمعوا عليه من أمره، وأمره بالمسير إلى تبوك. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلما أراد غزوا ورى بغيره إلا غزاة تبوك فإنه أظهر ما كان يريده، وأمرهم أن يتزودوا لها، وهي الغزاة التي افتضح فيها المنافقون وذمهم الله تعالى في تثبطهم عنها، وأظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أوحى الله تعالى إليه أن الله سيظهره باكيدر حتى يأخذه ويصالحه على ألف أوقية ذهب في رجب ومائتي حلة وألف أوقية في صفر وينصرف سالما إلى ثمانين يوما، فقال لهم رسول الله: إن موسى وعد قومه أربعين ليلة وإني أعدكم ثمانين ليلة ارجع سالما غانما ظافرا بلا حرب يكون ولا يشتاك أحد من المؤمنين.
فقال المنافقون: لا والله ولكنها آخر كرامة كذا التي لا ينجبر بعدها إن