التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٦٥
على أحد مات منهم أبدا؟ أو تقوم على قبره؟ فلم يجبه، فلما كان قبل أن ينتهوا به إلى القبر أعاد عمر ما قاله أولا.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر عند ذلك: ما رأيتنا صلينا له على جنازة ولا قمنا على قبر، ثم قال: إن ابنه رجل من المؤمنين وكان يحق علينا أداء حقه، فقال عمر: أعوذ بالله من سخط الله، وسخطك يا رسول الله.
أقول: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حييا كريما كما قال الله عز وجل، (فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق)، فكان يكره أن يفتضح رجل من أصحابه ممن يظهر الأيمان، وكان يدعو على المنافقين ويوري (1) أنه يدعو لهم وهذا معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمر: ما رأيتنا صلينا له على جنازة ولا قمنا له على قبر، وكذا معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث القمي: خيرت فاخترت، فورى صلى الله عليه وآله وسلم باختيار الاستغفار، وأما قوله فيه: (فاستغفر له) فلعله استغفر لابنه لما سأل لأبيه الاستغفار، وكان يعلم أنه من أصحاب الجحيم، ويدل على ما قلناه قوله عليه السلام: (فبدا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يكن يحب)، هذا.
إن صح حديث القمي فإنه لم يستند إلى المعصوم، والاعتماد على حديث العياشي هنا أكثر منه على حديث القمي، لاستناده إلى قول المعصوم دونه، ولأن سياق كلام القمي تارة يدل على أنه كان سبب نزول الآية قصة ابن أبي، وأخرى تدل على نزولها قبل ذلك.
وفي الكافي: عن الصادق عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكبر على قوم خمسا، وعلى قوم آخرين أربعا فإذا كبر على رجل أربعا أتهم يعني بالنفاق.
وفيه، والعياشي: عنه عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا

1 - وريت الخبر بالتشديد تورية إذا سترته وأظهرت غيره حيث يكون للفظ معنيان أحدهما اشيع من الآخر فتنطق به وتريد الخفي م‍.
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست