ويقيم علي، وإما أن يخرج علي وتقيم أنت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذاك لعلي فقال: علي السمع والطاعة لأمر الله وأمر رسوله، وإن كنت أحب أن لا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حال من الأحوال.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فقال: رضيت يا رسول الله، فقال له رسول الله: يا أبا الحسن إن أجر خروجك معي في مقامك بالمدينة، وإن الله قد جعلك أمة وحدك كما جعل إبراهيم أمة تمنع جماعة المنافقين والكفار هيبتك عن الحركة على المسلمين.
فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشيعه علي خاض المنافقون وقالوا: إنما خلفه محمد بالمدينة لبغضه له وملاله منه، وما أراد بذلك إلا أن يبيته المنافقون فيقتلوه، فاتصل ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال علي: أتسمع ما يقولون يا رسول الله.
فقال رسول الله ما يكفيك إنك جلدة ما بين عيني، ونور بصري، وكالروح في بدني، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه، وقام علي بالمدينة، فكان كلما دبر المنافقون أن يوقعوا بالمسلمين فزعوا من علي وخافوا أن يقوم معه عليهم يدفعهم عن ذلك، وجعلوا يقولون فيما بينهم: هي كرة محمد التي لا يؤب منها، ثم ذكر قصة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أكيدر وأخذه له وصلحه معه على ما مر ذكره.
ثم قال: وعاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غانما ظافرا وأبطل الله كيد المنافقين، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإحراق مسجد الضرار فأنزل الله تعالى: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا) الآيات ثم ذكر إن أبا عامر الراهب كان عجل هذه الأمة كعجل قوم موسى وأنه دمر الله عليه وأصابه بقولنج وبرص وفالج ولقوة وبقى أربعين صباحا في أشد عذاب ثم صار إلى عذاب الله.
(108) لا تقم فيه أبدا: أي لا تصل فيه أبدا، يقال: فلان يقوم بالليل أي يصلي. لمسجد أسس على التقوى من أول يوم: من أيام وجوده.