التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٦٣
(81) فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله: بقعودهم عن الغزو، وخلفه يقال: أقام خلاف القوم، أي: بعدهم وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله:
إيثارا للدعة والخفض (1) على طاعة الله. وقالوا لا تنفروا في الحر: قاله بعضهم لبعض، وقد سبق قصة الجد بن قيس في ذلك عند تفسير (ومنهم من يقول إئذن لي) وهذا تفضيح له من الله سبحانه. قل نار جهنم أشد حرا: وقد آثرتموها بهذه المخالفة. لو كانوا يفقهون: أن ما بهم إليها وانها كيف هي ما اختاروها بإيثار الدعة على الطاعة.
(82) فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا: إما على ظاهر الأمر، وإما أخبار عما يؤول إليه حالهم في الدنيا والآخرة، يعني: فيضحكون قليلا ويبكون كثيرا، أخرجه على صيغة الأمر للدلالة على أنه حتم واجب، ويجوز أن يكون الضحك والبكاء كنايتين عن السرور والغم. جزاء بما كانوا يكسبون: من الكفر والتخلف.
(83) فإن رجعك الله إلى طائفة منهم: فإن ردك إلى المدينة، وفيها طائفة من المتخلفين يعني منافقيهم ممن لم يتب ولم يكن له عذر صحيح في التخلف. فاستأذنوك للخروج: إلى غزوة أخرى بعد تبوك. فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقتلوا معي عدوا:
إخبار في معنى النهي للمبالغة. إنكم رضيتم بالقعود أول مرة: تعليل له، وكان إسقاطهم عن ديوان الغزاة عقوبة لهم على تخلفهم أول مرة وهي الخرجة إلى غزوة تبوك. فاقعدوا مع الخالفين: أي المتخلفين لعدم لياقتهم للجهاد كالنساء والصبيان.
(84) ولا تصل على أحد منهم مات أبدا: لا تدعو له وتستغفر. ولا تقم على قبره: للدعاء.
وفي المجمع: فإنه عليه السلام كان إذا صلى على ميت يقف على قبره ساعة ويدعو له فنهاه الله عن الصلاة على المنافقين والوقوف على قبرهم والدعاء لهم ثم بين سبب الأمرين. إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون.

1 - الخفض الراحة والسكون يقال هو في خفض من العيش أي في سعة وراحة ومنه عيش خافض وعيش خفيض أي واسع م‍.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست