التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٠٦
عددهم فكانت الحماية دونها تضاعف حميتهم وتحملهم على أن لا يبرحوا مواطنهم، ويبذلوا نهاية نجدتهم، وفيه تصوير ما دبر الله من أمر وقعة بدر. ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد:
أي لو تواعدتم أنتم، وهم على موعدة للقتال ثم علمتم حالكم وحالهم لخالف بعضكم بعضا، ثبطكم قلتكم عن الوفاء بالموعد وثبطهم ما في قلوبهم من الرعب فلم يتفق لكم من الوفاء ما وفقه الله. ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا: كان واجبا أن يفعل من إعزاز دينه، وإعلاء كلمته، ونصر أوليائه، وقهر أعدائه. ليهلك من هلك عن بينة: عاينها. ويحيى من حي عن بينة: شاهدها.
القمي: قال: يعلم من بقي أن الله نصره. وقيل: ليصدر كفر من كفر، وإيمان من آمن عن وضوح بينة، وقيام حجة، وقرئ حيي بفك الإدغام. وإن الله لسميع عليم: يعلم كيف يدبر أموركم.
(43) إذ يريكهم الله في منامك قليلا: لتخبر به أصحابك فيكون تثبيتا لهم وتشجيعا على عدوهم. ولو أريكهم كثيرا لفشلتم: لجبنتم. ولتنازعتم في الأمر: أمر القتال وتفرقت آراؤكم بين الثبات والفرار. ولكن الله سلم: أنعم بالسلامة من الفشل والتنازع.
إنه عليم بذات الصدور: يعلم ما سيكون فيها وما يغير أحوالها من الجرأة والجبن.
القمي: فالمخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمعنى لأصحابه، أراهم الله قريشا في منامهم أنهم قليل، ولو أراكهم كثيرا لفزعوا.
في الكافي: عن الباقر عليه السلام كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار ويكثر الكفار في أعين الناس فشد عليه جبرئيل بالسيف فهرب منه، وهو يقول: يا جبرئيل إني مؤجل حتى وقع في البحر، قيل: لأي شئ يخاف وهو مؤجل؟ قال: بقطع بعض أطرافه.
(44) وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا: تصديقا لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتثبيتا لكم، في الجوامع: عن ابن مسعود لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي: أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مأة، فأسرنا رجلا منهم، فقلنا: كم كنتم؟ قال:
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»
الفهرست