التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٥
فقال الخبيث؟ هذا رأي خبيث، قالوا وكيف ذلك؟ قال: لأن قاتل محمد مقتول لا محالة، فمن هذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم، فإنه إذا قتل محمد صلى الله عليه وآله وسلم تعصبت بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة، وإن بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الأرض فيقع بينكم الحروب في حرمكم، وتتفانوا، فقال آخر منهم: فعندي رأي آخر، قال: وما هو؟ قال: نثبته في بيته ونلقي إليه قوته حتى يأتي عليه ريب المنون فيموت كما مات زهير، والنابغة، وامرء القيس.
فقال إبليس: هذا أخبث من الآخر، قال: وكيف ذلك؟ قال: لأن بني هاشم لا ترضى بذلك، فإذا جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا بهم واجتمعوا عليكم فأخرجوه، وقال آخر منهم: لا ولكنا نخرجه من بلادنا ونتفرغ نحن لعبادة آلهتنا، قال إبليس: هذا أخبث من الرأيين المتقدمين.
قالوا: وكيف ذاك؟ قال: لأنكم تعمدون إلى أصبح الناس وجها، وأنطق الناس لسانا، وأفصحهم لهجة، فتحملونه إلى بوادي العرب فيخدعهم ويسخرهم بلسانه فلا يفجأكم إلا وقد ملأها عليكم خيلا ورجلا، فبقوا حائرين، ثم قالوا لإبليس: فما الرأي فيه يا شيخ؟ قال: ما فيه إلا رأي واحد، قالوا: وما هي؟ قال: يجتمع من كل بطن من بطون قريش واحد ويكون معهم من بني هاشم رجل فيأخذون سكينة أو حديدة أو سيفا فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة حتى يتفرق دمه في قريش كلها فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، وقد شاركوا فيه، فإن سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثلاث ديات، فقالوا: نعم عشر ديات.
ثم قالوا: الرأي رأي الشيخ النجدي، فاجتمعوا، ودخل معهم في ذلك أبو لهب عم النبي ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره أن قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك، وأنزل عليه في ذلك: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) واجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه، وخرجوا إلى المسجد يصفرون، ويصفقون، ويطوفون بالبيت،
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست