التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٠٨
جهل، وقال: حتى نقدم بدرا ونشرب بها الخمور وتعزف (1) علينا القيان، ونطعم بها من حضرنا من العرب، فذلك بطرهم ورثاؤهم فوافوها فسقوا كأس الحمام (2) مكان الخمر وناحت عليهم النوايح مكان القيان، فنهى الله المؤمنين أن يكونوا أمثالهم بطرين مرائين. ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط.
(48) وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم: في معادة الرسول وغيرها بأن وسوس إليهم. وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم: مجيركم. فلما تراءت الفئتان:
تلاقى الفريقان. نكص على عقبيه: رجع القهقرى، وبطل كيده، وعاد ما خيل إليهم أنه مجيرهم سبب هلاكهم. وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون: يعني جنود الملائكة.
إني أخاف الله: أن يصيبني مكروها. والله شديد العقاب: قد مضى لهذه الآية بيان في سورة آل عمران في قصة بدر.
وفي المجمع: عن الباقر والصادق عليهما السلام أنهم لما التقوا كان إبليس في صف المشركين آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: يا سراقة أتخذلنا على هذه الحال؟ فقال: إني أرى ما لا ترون، فقال: والله ما ترى إلا جواسيس يثرب، فدفع في صدر الحرث وانطلق وانهزم الناس، فلما قدموا مكة قال الناس: هزم سراقة فبلغ سراقة فقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم، فقالوا: إنك آتيتنا في يوم كذا فحلف لهم، فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان.
العياشي: عن السجاد عليه السلام لما عطش القوم يوم بدر انطلق علي عليه السلام بالقربة يستقي وهو على القليب إذ جاءت ريح شديدة، ثم مضت فلبث ما بدا له، ثم جاءت ريح أخرى، ثم مضت، ثم جاءت أخرى كاد أن تشغله وهو على القليب (3)، ثم جلس حتى مضى فلما رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبره بذلك، فقال

١ - المعارف الملاهي والعازف اللاعب بها والمغني وقد عزف عزفا.
2 - الحمام بالكسر والتخفيف الموت.
3 - القليب البئر قبل أن تطوى يذكر ويؤنث.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست