(17) إنما التوبة على الله أي قبول التوبة الذي أوجبه الله على نفسه بمقتضى وعده من تاب عليه إذا قبل توبته إلا أن على هذه ليست هي على في قولهم تاب عليه وقد مضى تحقيق معنى التوبة عند تفسير قول الله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه للذين يعملون السوء بجهالة متلبسين بها سفها فان ارتكاب الذنب والمعصية سفه وتجاهل.
في المجمع والعياشي عن الصادق (عليه السلام) كل ذنب عمله العد وإن كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه فقد حكى الله سبحانه قول يوسف لا خوته هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله عز وجل.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قيل له فان عاد وتاب مرارا قال يغفر الله له قيل إلى متى قال حتى يكون الشيطان هو المحسور (1) ثم يتوبون من قريب قيل أي قبل أن يشرب في قلوبهم حبه فيطبع عليها ويتعذر عليهم الرجوع أو قبل حضور الموت لقوله تعالى حتى إذا حضر أحدهم الموت سماه قريبا لأن أمد الحياة قريب كما قال سبحانه قل متاع الدنيا قليل.
أقول: التفسير الثاني بعيد عن ظاهر اللفظ بل ولا دلالة في الآية عليه لجواز السكوت عن القسم الثالث كما يقع كثيرا في نظائره من مجملات القرآن وأما الحصر المدلول عليه بلفظة إنما فلا ينافي الاخبار الآتية لأن وجوب القبول غير التفضل به.
في الفقيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر خطبة خطبها من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه ثم قال وإن السنة لكثيرة ومن تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه ثم قال وان الشهر لكثير ومن تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه ثم قال وان يوما لكثير ومن تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه ثم قال وان الساعة لكثيرة، من تاب وقد