فتزود منها ثم أتى بعض جبالها فتعبد فيها ولبس مسحا (1) وغل يديه جميعا إلى عنقه ونادى يا رب هذا عبدك بهلول (2) بين يديك مغلول يا رب أنت الذي تعرفني وزل مني ما تعلم سيدي يا رب إني أصبحت من النادمين وأتيت نبيك تائبا فطردني وزادني خوفا فأسألك باسمك وجلالك وعظم سلطانك أن لا تخيب رجائي سيدي ولا تبطل دعائي ولا تقنطني من رحمتك فلم يزل يقول ذلك أربعين يوما وليلة تبكي له السباع والوحوش فلما تمت له أربعون يوما وليلة رفع يديه إلى السماء وقال اللهم ما فعلت في حاجتي ان كنت استجبت دعائي وغفرت لي خطيئتي فأوح إلى نبيك وان لم تستجب دعائي ولم تغفر لي خطيئتي وأردت عقوبتي فعجل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني وخلصني من فضيحة يوم القيامة فأنزل الله تعالى على نبيه والذين إذا فعلوا فاحشة يعني الزنا أو ظلموا أنفسهم يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزنا وهو نبش القبور وأخذ الأكفان ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم يقول خافوا الله فعجلوا التوبة ومن يغفر الذنوب إلا الله يقول الله عز وجل أتاك عبدي يا محمد تائبا فطردته فأين يذهب وإلى من يقصد ومن يسأل أن يغفر له ذنبه غيري، ثم قال تعالى ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون يقول لم يقيموا على الزنا ونبش القبور وأخذ الأكفان أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج وهو يتلوها ويتبسم فقال لأصحابه من يدلني على هذا الشاب التائب فقال معاذ يا. رسول الله بلغنا أنه في موضع كذا وكذا فمضى رسول الله بأصحابه حتى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشاب فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين مغلولة يداه إلى عنقه قد اسود وجهه وتساقطت أشفار عينيه من البكاء وهو يقول سيدي قد أحسنت خلقي وأحسنت صورتي فليت شعري ماذا تريد بي أفي النار تحرقني أو في جوارك تسكنني اللهم انك قد أكثرت الإحسان إلي فأنعمت علي فليت
(٣٨٤)